د. بليغ حمدى

بِدَايَةُ ونِهَايَةُ سِينِمَا الهُجُوم عَلَى النَّبِى

الإثنين، 17 سبتمبر 2012 12:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كعادتى لا أدع مجالاً لعينى تطالع الأخبار التى تتناول النبى الأكرم محمداً (صلى الله عليه وسلم ) بالسب سواء فى وسائل الإعلام الغربية أو عن طريق أقباط المهجر، لأن ذاكرتى تعى وتحفظ ما وجده النبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) من عنت الكافرين، وما لقيه من أساليب حاولت دونما فائدة أن تقوض دين الله الحنيف أو تنال من كرامته.

وإذا كان الغرب يجتهد قليلاً فى صناعة أفلام ومقالات ودراسات تسعى سعى الحية فى جحرها، فإن المسلمين فى شتى بقاع الأرض كل يوم وليلة يشاهدون فيلماً روائياً طويلاً يحكى عن حياة النبى (صلى الله عليه وسلم) ، وربما فى هذه السطور أعرض بعض المشاهد التى تعرض لها النبى من أعداء الإسلام ربما تضمد بعض جراحات الحزن والقرف الذى تعرض له المسلمون إزاء الفيلم المسئ للرسول.

وأول هذه المشاهد هو تعرض النبى (صلى الله عليه وسلم ) للسخرية والاستهزاء، والغرض منهما توهين قوى المسلمين المعنوية، وخذل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى أصحابه، ويحضرنى حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين سأله سعد بن أبى وقاص ، فقال : يا رسول الله ، أى الناس أشد بلاء ؟ قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان فى دينه صلباً اشتد بلاؤه ، وإن كان فى دينه رقة ابتلى حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة".

والجانب المعنوى فى هذا الأمر هو أشد وأعنف من جانبه المادى ؛ وما بالكم بهؤلاء السفهاء الذين تضاحكوا وسخروا وطعنوا فى أكرم مخلوق على الأرض، وما أقوى رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فى الصبر على هذا الإيذاء المعنوى. ولنا فى رسول الله أسوة حسنة فى الصبر على الضراء، وفى البأساء، وحين البأس، ومن حكمة الله (تبارك وتعالى) أن جاء الحديث فى القرآن عن الصبر على الحق والاستشهاد فى سبيل الله بعد ذكر جانب الأسوة الحسنة، يقول الله تعالى فى محكم التنزيل : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً(.

وكان السفهاء من قريش يسخرون من النبى(صلى الله عليه وسلم) باتهامه بأنه رجل مسحور، وبأنه شاعر، وبأنه مجنون، وبأنه كاهن يأتيه الشيطان، وأنه ساحر كذاب، ومفترٍ متقول، هذا بالإضافة إلى نظرة النقمة والازدراء التى كانوا ينظرون بها إليه ، كما قال الله تعالى : ) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (.

ويصف الله تعالى فى كتابه العزيز كل افتراءات مشركى مكة لرسول الله(صلى الله عليه وسلم) ، يقول تعالى : ) وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ، وقوله تعالى : )وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) (. ولقد قص الله علينا فى كتابه هؤلاء السفهاء الذين سخروا من سيد الخلق (صلى الله عليه وسلم) ، يقول تعالى : )إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) ( ويقول رب العزة ( تبارك وتعالى ) واصفاً هؤلاء المستهزئين حينما بثوا دعاياتهم وافتراءاتهم الكاذبة عن رسول الله r ، وحول ذاته وشخصه : ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْماً وَزُوراً (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِى تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ( .

ولأن طبيعة العهد المكى اتسمت بالجدلية المطلقة فى أحداثها ، ولأن الرسالة المحمدية جاءت لتحرك الراكد والثابت الأسن، فإن أهل مكة ـ أنفسهم ـ احتاروا وهم يحاولون تشويه صورة رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وإيذاءه بالقول، فنجد مثلاً الوليد بن المغيرة وهو من زعماء قريش يقول عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قولا نذكر منه : "والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لغدق، وإن فرعه، لجنى، فما أنتم بقائلين شيئاً من هذا إلا عرف أنه باطل".

ويذكر صفى الرحمن المباركفورى فى كتابه "روضة الأنوار" أن عظماء المستهزئين والمعذبين برسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن معه خمسة: الوليد بن المغيرة المخزومى، والأسود بن بن عبد يغوث الزهرى، وأبو زمعة الأسود بن عبد المطلب الأسدى، والحارث بن قيس الخزاعى، والعاص بن وائل السهمى.

ولقد أخبر الله (سبحانه وتعالى) أنه سيكفى شرهم بقوله تعالى : ) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95). ثم أنزل على كل رجل منهم ما فيه عبرة وعظة لمن يفكر فى أن يعتدى على رسول الله بالقول أو بالفعل.

فها هو الوليد بن المغيرة ، أصيب بخدش من سهم، وكان خدشه بسيطاً حقيراً، فلم يزل يؤلمه ويؤذيه حتى مات، وأما الأسود بن عبد يغوث فخرجت من رأسه قروح فمات منها، والأسود بن عبد المطلب فلما تضايق رسول الله(صلى الله عليه وسلم) من أذاه دعا عليه ، وقال : " اللهم أعم بصره " ، فرماه جبريل بشوك فى وجهه حتى ذهب بصره. والحارث بن قيس فأصيب بالماء الأصفر فى بطنه، حتى خرجت فضلاته من فيه ، فمات بها. والعاص بن وائل فدخلت شوكة فى أسفل قدمه، وجرى سمها إلى رأسه حتى مات.

وإذا كانت أفلامهم وأفلام ذرياتهم سينالون بها الأوسكار والسعفة وغيرها، فإن فيلما الطويل الشريف سيقربنا من طاعة الله وشفاعة النبى (صلى الله عليه وسلم).

وكم هو غريب وعجيب انتفاضة المؤسسات الدينية غضباً وحزناً على الفيلم المسئ للنبى الكريم (صلى الله عليه وسلم) وهى تعد سبباً فى ضعف المعرفة الدينية والوازع الدينى الجوهرى لدى الناشئة وبعض الكبار، لأنها تخلت فى برامجها عن القيام بتقديم سيرة المصطفى وحياته لهؤلاء..اللهم صل وسلم وبارك على المصطفى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة