خرجوا علينا يرفعون رايات النصرة للدين، ورفض الإساءة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ،وشحنوا مشاعرالجموع الغيورة على دينها عبر خطاب تحريض، وإثارة وتوجيه نحو هدف لا علاقة له بالفيلم المسىء، ونزلوا يقودون المظاهرات التى حاصرت السفارة الأمريكية، وكأن الإدارة الأمريكية هى التى قامت بانتاج الفيلم ونشره.
ولكن الزج بالولايات المتحدة الأمريكية فى القضية، يضفى الكثير من عوامل الإثارة ويساعد على توسيع عمليات التعبئة الجماهيرية، والظهور بمظهر المدافعين عن الدين وحماته، بدا الأمر كمزايدة رخيصة بلا معنى، سوى أن بعضهم يبحث عن زعامة، وعن مكاسب انتخابية عبر النفخ فى هذه القضية التى كان يمكن التعامل معها بشكل مختلف وراق، ينصر الدين نصراً حقيقياً، عبر إبراز أخلاق الإسلام وروعة نبيه (صلى الله عليه وسلم).
من المفارقات أن أول من نشر وروج مقاطع الفيلم المسىء هو قناة دينية سلفية، وإعلامى يعتبر نفسه داعية - ولا علاقة له بالدعوة من قريب ولا بعيد – بل أراه أحد إفرازات ظاهرة العكشنة، ولكن بصبغة دينية، فما يمارسه من سب وقذف وتشويه وافتراء مستمر يؤكد ذلك.
ولم يخلف بعض الأغبياء الآخرين ظن هؤلاء الحمقى، فقاموا بعملية إجرامية فى ليبيا سفكت فيها دماء دبلوماسيين أمريكيين، لتصل رسالة للعالم تقول إن هؤلاء هم أتباع الإسلام، وهذه طريقة تعبيرهم عن غضبهم واحتجاجهم.
ما أكثر قضايانا العادلة التى نخسرها بسبب هذا الحمق والغباء والتطرف، فبعد أن كنا محل تعاطف وتأييد ومساندة من العالم الذى استنكر الإساءة للرسول والإسلام، أصبحنا محل اتهام، وقمنا بأكبر عملية تشويه لديننا وتعاليمه ومبادئه.
وحين تحول محيط السفارة الأمريكية إلى ساحة حرب بين هؤلاء المتظاهرين، ومن اندس بينهم، لم نر هذه الوجوه التى دعت للتظاهر، وكأنها اختفت وتنصلت من مسؤوليتها بعد أن قامت بعملية الشحن النفسى والتعبئة، وفوجئنا بشخص مثير للاشمئزاز بما يكتبه ويقوله فى قناة فضائية خاصة، مجهولة مصادر التمويل من تحريض طائفى وسب وإساءة لكل المختلفين دينيا، يقوم بالإساءة إلى الإنجيل، ويسب المسيحيين الذين تبرأوا من كل ما حدث ولم يكن لهم علاقة أيضاً بالفيلم المسىء، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وصلت السفالة ببعضهم لكتابة عبارات مسيئة على جدران كنيسة قصر الدوبارة.. هذا الصرح الوطنى المصرى الذى دخل التاريخ بدوره العظيم فى دعم الثورة المصرية.
إن هذا المشهد البائس يؤكد على نقاط مهمة:
أولاً: خطورة استغلال العاطفة الدينية والتحريض الطائفى على سلامة المجتمع، حتى لو كانت الأغراض نبيلة فى ظاهرها، فلا يمكن أن نقبل أن يقوم بعض المراهقين سياسياً بإشعال فتيل النار التى لا يعرفون كيفية إطفائها، ثم ينسحبون ونعانى منها نحن جميعاً.
ثانياً: ضرورة مراجعة محتوى القنوات الدينية التى تركت تعليم الدين الذى أنشئت من أجله، وتحولت إلى منابر سياسية تستخدم الدين كذراع سياسية فى عمليات تصفية الحسابات السياسية، وممارسة التحريض.
ثالثاً: التعامل القانونى والأمنى الحاسم مع الخارجين على القانون الذين يمارسون العنف ويبررون ذلك بشعارات دينية، أو ادعاء الثورية، النفاق الذى يمارسه بعض النخب تجاه هؤلاء، جعلهم يستمرون أكثر وأكثر فى استغلال هذه الأحداث.
رابعاً: ضرورة التعامل مع الأزمات بشكل علمى، يعتمد على علم إدارة الأزمات، وعدم التعامل العشوائى، أو ترك الأمور فى يد بعض الهواة الذين يجرون الوطن لحافة الهاوية بما يمارسونه من غباء سياسى، واستغلال لمشاعر العامة.
وأخيراً.. يجب الانتباه إلى أن هذه الأحداث العبثية، تؤثر على الاقتصاد المصرى بشكل مباشر، لأنها تثير مخاوف المستثمرين، وتجهض جهود العاملين فى قطاع السياحة الذين يحاولون بشتى الطرق إعادة معدلات السياحة إلى ما كانت عليه قبل ذلك من أجل ملايين الأسر المصرية التى تعيش على دخل السياحة.
سامح الله من أشعل فتيل الأزمة ثم هرب وتنصل، وعذرا رسول الله.. فإنهم لم ينصروك وإنما خذلوك.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د. حسين
تمهل قليلا وحاول ان تفهم
عدد الردود 0
بواسطة:
sabry
جاء يعربها فأعجمها
عدد الردود 0
بواسطة:
د. مصطفى عادل
نحن من خذلنا أنفسنا
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل أبو سريع
وما فلعت انت لنصرة نبيك