حينما بدأت الاشتباكات أمام السفارة الأمريكية كنت أشعر أن كل شىء سوف ينتهى إلى لا شىء.. لا الفيلم سيختفى من على شبكة الإنترنت، ولا النبى عليه الصلاة والسلام سيرضى عن رد الإساءة بإساءة، ولا تهمة التطرف والتشدد الملصقة زورا بالإسلام ستزول.
كنت أعلم يقينا أن الشيوخ والقيادات الدينية التى دعت للتظاهرة وحرضت الناس بإذاعة مقاطع مهينة من الفيلم ستختفى من المشهد حينما تبدأ النار فى الظهور، وبالتالى كان طبيعيا أن تسمع الشيوخ الذين دعوا للتظاهرة وهم يتبرأون ممن رفعوا صور بن لادن وحرقوا الإنجيل أمام السفارة وحاولوا اقتحامها قائلين: لا نعرف من هؤلاء؟!! رغم أن حارق الإنجيل يدير فضائية يظهر عليها نصف الشيوخ، وكان طبيعيا أن يصمت الذين حرضوا على التظاهر حينما تسألهم لماذا تدعون لتظاهرة طالما أنتم غير قادرين على تأمينها أو السيطرة عليها.
كان كل ذلك واضحا بجانب حقيقة جلية تقول بأن الشيوخ الذين دعوا للتظاهر سينتهى بهم الحال وهم أسود السنة المدافعين عن النبى عليه الصلاة والسلام، بينما سيبقى خاسر وحيد هو وزارة الداخلية التى أصبحت فى مرحلة معينة مجبرة على التدخل لفض المهاترات الجارية أمام السفارة بعد تهديدات أوباما التليفونية للرئيس مرسى.
أنا لا أبرئ وزارة الداخلية من تهمة استخدام القوة وحالة «الغباوة» فى فض التظاهر أمام السفارة لأن وجود أكثر من 200 مصاب دليل إدانة كاف، كما أن التبرئة ستبدو مستحيلة حينما تضع ما حدث مع طلاب جامعة النيل من ضرب وسحل بجانب ما حدث مع عاملات التشجير بجانب ما حدث أمام السفارة..
الوقائع السابقة تقول إن الخاسر الوحيد من أحداث واعتصامات الأيام الماضية هو وزارة الداخلية، التى تعود مرة أخرى لتتحمل كوارث أهل السياسة وفشل الحكومة والرئيس فى التعامل مع أزمة جامعة النيل أو السفارة أو التفاوض مع العمال المعتصمين.. والأزمة هنا ليست فى فشل الحكومة فى التعامل مع هذه الأزمات أو استخدامها الطرق القديمة فى التعامل معها بإصدار تصريحات تحرم المتظاهرين والموجعين من التعبير عن أوجاعهم، بل تكمن فى أن أصدرت بالأمس بيان رسمى تنفى فيه استخدام القوة فى التعامل مع المتظاهرين، وهو تصريح يشبه إلى حد كبير تصريحات منصور العيسوى الخاصة بعدم وجود قناصة أو خرطوش.
نفى الحكومة استخدام العنف فى التعامل مع المتظاهرين أخطر بكثير من فعل العنف نفسه، لأنه تحايل فاضل ومكشوف على وقائع الضرب والسحل التى تعرض لها المتظاهرون فى الأيام السابقة، وإن كانت الدولة تسطيع أن تبرر استخدام القوة فى الرد على المشاغبين أمام السفارة فإنها لا يمكن أن تفسر استخدام العنف فى التعامل مع طلاب جامعة النيل، وهى جريمة أكبر وأشد من دولة ادعى رئيسها أنه قادم لصناعة نهضة مستندة إلى العلم فإذا برجال أجهزته الأمنية يضربون مستقبل هذا العلم الممثل فى شباب الباحثين وطلاب النيل على أقفيتهم ويسحلونهم فى الشوارع مثلما لا يحدث مع البلطجية وقطاع الطرق.
الحكومة من حقها أن تستخدم القوة المستندة إلى القانون، مع كل متظاهر يتجاوز ويقطع طريق أو يخرب ممتلكات عامة، ونحن من حقنا أن نسألها لماذا تركت هذا المواطن يصل إلى الحد الذى يدفعه للتحول إلى مشاغب؟، ومن حقنا أن نسألها لماذا لا تطلب من أجهزتها الأمنية احترام القوانين مثلما تطلب من المتظاهرين ذلك؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
سمك لبن تمر هندى (أنا عاوز أكتب و خلاص)
زى كل مقالاتك
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد الدق
الداخلية لم تخسر ولكنها تتعرض للظلم
عدد الردود 0
بواسطة:
zahi
ليس صحيحاً
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب
فض اعتصام جامعة النيل بالقوه عمل بلطجى وقرار دكتاتورى ووصمة عار فى جبين الحكومه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
الداخلية مش هاتتغير
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد متولـى
إنـت بتسـمى العـيال إللى بتحدف طوب على العسـاكر متظاهريـين
عدد الردود 0
بواسطة:
الليثى
ثأر