لا أخفى على معاليك سراً أننى قد شعرت بالخوف الشديد عند توليك الوزارة، وزاد خوفى أكثر وأكثر عندما تولى شقيقكم منصب نائب رئيس الجمهورية ووصل خوفى لذروته حين لمحت معاليك تلميحات بشأن عودة قانون الطوارئ الذى كان فرضه لسنوات طويلة أحد الأسباب الرئيسية المُفجرة لثورة الخامس والعشرين من يناير!!
أرجو من معاليك أن تعذرنى ولا تندهش من مخاوفى؛ فالموقف بمصر أصبح على صفيح ساخن ويدعو للقلق والتوجس، كما أن سرعة تصاعد الأحداث وتصعيدها أمر خطير وتشتت المصريين وتفرقهم لجماعات مختلفة لأول مرة منذ عهد الفراعنة شىء جديد علينا وغير مسبوق. كل هذا وأكثر لا يحكمُه إلا القانون، فالقانون هو الخط الأخير الذى تبقى لإنقاذ ما تبقى من الوطن، وكما تعلم معاليك أن القانون غايته تحقيق العدل الذى أنت وزيرهُ، وبما أننا فى أعقاب ثورة وفى مرحلة جديدة لنظام جديد وصل إلى سُدة الحكم بعد صراع طويل دام أكثر من ثمانين عاماً تعرض فيه لشتى أنواع القمع والظلم، وبما أن معاليك أحد المتعاطفين معه ليس الآن فقط وإنما منذ سنوات طويلة، فهذا يعنى أنك قد تعرضت لشىء من الظلم أيضاً وهنا تكمُن مخاوفى.. إلا أن الأسبوع الماضى شهدت المحاكم بمصر أحكاماً قضائية سيشهد لها التاريخ وستكون بمثابة الوثيقة التى تبرهن على أن القضاء المصرى قضاء شامخ ونزيه وبعيد كل البُعد عن أى شبهة من شبهات تصفية الحسابات القديمة والانتقام، وكان فى مقدمتها براءة مدير أمن وضباط محافظة الدقهلية من قتل المتظاهرين، وحكم البراءة للفنان عادل إمام فى قضية ازدراء الأديان، وأيضاً قرار المحكمة بعدم التحفظ على أموال الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق الذى أصدره ضده المستشار عاصم الجوهرى بالتحفظ على أمواله ومنعه من التصرف فيها بعدما أحاله لمحكمة الجنايات فى قضية كسب غير مشروع، مستنداً إلى أرقام وأملاك وضعها فاروق حسنى نفسه بإقرارات الذمة المالية الخاصة به!! الأمر الذى دفع هيئة المحكمة الموقرة أن ترفض الحظر وعدم التصرف بأمواله فى مفاجأة من العيار الثقيل، تؤكد أن العدل والقانون هما فقط المعيار فى تناول القضايا.
معالى المستشار وزير العدل، أنا لست صاحب مصلحة من قريب أو من بعيد، وبعيد كل البُعد عن القضايا ومشاكل المحاكمات، وإنما كتبت هذا المقال فقط لتسجيل وتوثيق حقائق حدثت بالفعل فى عهدك كوزير للعدل المصرى أرجو أن تستمر إلى النهاية وأن تكون بعيدة كل البُعد عن المحاكمات سياسياً أو المحاكمات بغرض الانتقام من شخوص بعينهم لمواقف اتخذوها أو مناصب تولوها ولتحيا مصر دولة القانون.