بعد انتخاب الرئيس مرسى، وبالأحرى بعد قرارات الإقالات التى تمت بحق مجموعة من جنرالات المجلس العسكرى والتى قضت على ازدواجية السلطة فى مصر، جاء لكثير من القطاعات فى الشعب المصرى أمل فى غد أفضل، وهنا يستوى فى الأمل من انتخب وأيد مرسى ومن لم ينتخب مرسى، فالمصريون على اختلافاتهم الفكرية والطبقية يجمعهم حلم العيش الكريم والكرامة والحياة بعزة، إلا أن مسار وأداء السيد الرئيس منذ تلك القرارات لم يكن على المستوى المنتظر والمأمول.
وقبل الخوض فى أية تفاصيل دعونى أقر وأؤكد على أنى لا أتوقع من السيد الرئيس أو غيره أن ينهض بمصر خلال مائة يوم أو حتى خلال سنة وأكثر، لأنه ببساطة ما تم هدر وتحطيمه خلال عقود لا يمكن أن يعود بين عشية وضحاها.
ولكن المطلوب هو متابعة المسار الذى نسلكه لكى نحدث هذه النهضة، وبناء عليه يمكن لنا أن نستشرف المستقبل من حيث هل هذا الطريق يؤدى إلى نهضة حقيقية؟ وهل هذا المسلك يقودنا للأمام؟ هذا ما يمكننا أن نحكم عليه الآن.
بشكل عام لكى تنهض أى أمة لابد من توافر عدة أمور هامة، ومنها وجود رؤية واستراتيجية لتحقيق هذه الرؤية والأهداف، وهذا ما لا ألمسه فى أداء الرئيس مرسى وحكومته التى لا نعرف كيفية تشكيلها، فالأداء الحكومى أداء يومى بمعنى أنها تتعامل اليوم بيومه دون وجود رؤية واضحة على المدى المتوسط والبعيد لعلاج مجمل الأزمات من جذورها.
فمثلا على المستوى الاقتصادى لا نعرف برنامجا محدد المعالم لهذه الحكومة، وما النتائج المستهدفة وتوقيتات تحقيقها فى قضايا مثل البطالة والعجز والدين المحلى والتضخم وغيرها من المشاكل الاقتصادية التى يتطلب علاجها رؤية وخطة محكمة ومدروسة، أضف إلى ذلك القرض ومتعلقاته، الذى نعرف عنه أبعد من قيمته والجهة المانحة، وبالانتقال للسياسة الخارجية نحن لا نعرف حتى الآن ما استراتيجية مصر الخارجية، وما الخطة التى سوف نسلكها لاستعادة دورنا المفقود إقليميا ودوليا، وعلى الرئيس والجميع أن يعلموا أن السياسات لا تتغير بالخطابات والمواقف اليومية بل تتغير بطرق أعمق من هذا تبدأ بدوائر تحليل سياسى ومراكز بحثية رصينة وتنتهى إلى دوائر صناعة القرار، وللأسف ظهر هذا الضعف فى الأداء الخارجى فى أزمة الفيلم المسىء للرسول الكريم والتى تميز أداء الإدارة المصرية فيها بالمراهقة والاهتراء على جميع الأصعدة.
لا أريد أن أخوض أكثر وأتكلم عن تعامل الحكومة مع الاعتصامات والمطالب المتتالية لمختلف القطاعات والتى جميعها يكشف أن الرئيس وحكومته يسيران على نفس المنهج القديم والذى ثار من أجله المصريون من أجل تغييره، وعلى كل الأحوال أؤكد أن الوقت لم يفت ومازال أمام صانع القرار المصرى الفرصة من أجل إعادة سير الأمور إلى مسارها ولكن أخشى أن يكون الاستيعاب متأخرا بعد خراب مالطة كما يقولون.. وإلى الرئيس محمد مرسى أقول «من قرأ تاريخ من قبله أضاف أعمارا إلى عمره».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة