وأنت تطالع فتوى تصدرها دار الإفتاء حول شرعية تحية العلم أو الوقوف للسلام الوطنى، لن تغادرك الدهشة من هذا النوع من الجدل، وستصيبك الحيرة حول ما وصل به الحال فى التعامل مع قضايانا، وما إذا كانت مصر انتهت من مشاكلها فى البطالة، وسد أفواه الجوعى وقضاء حوائج الفقراء، وتشغيل عجلة الإنتاج، حتى نجد أنفسنا أمام جدل حول الشرعية الدينية لتحية العلم، والوقوف للسلام الجمهورى، وتجد دار الإفتاء نفسها أمام ضرورة إصدار فتوى تجيزهما.
القضية أطلت برأسها فى مرات سابقة، حتى بلغت ذروتها يوم الخميس الماضى، بصدور فتوى من دار الإفتاء تقول: «إذا كانت تحية العلم أو الوقوف للسلام الوطنى فى المحافل العامة التى يعد فيها القيام بذلك علامة على الاحترام، وتركه يؤدى إلى الشعور بترك الاحترام، فإن الوقوف يتأكد فعله حينئذ دفعا لأسباب الفرقة والشقاق، واستعمالا لحسن الأدب ومكارم الأخلاق».
الفتوى قابلها رأى مضاد، قاله الشيخ سعيد عبدالعظيم عضو مجلس أمناء الدعوة السلفية: «لا يجوز الوقوف للسلام الوطنى وتحية العلم، أما الشيخ عبدالآخر حماد مفتى الجماعة الإسلامية»، فقال: «لا يجوز الوقوف للسلام الوطنى وتحية العلم، واستند فيها على عدة أسباب»، من بينها حديث للرسول عليه الصلاة والسلام قال فيه: «ليأتى على الناس زمان يستحلون فيه الحرى والحرير والخمر والمعازف»، وقال الشيخ إن: «هذا الحديث دليل على تحريم المعازف».
فى مواجهة حجة الشيخ سعيد عبدالعظيم حول الموسيقى، قالت فتوى دار الإفتاء: «المختار أن الموسيقى من حيث هى لاحرمة فى سماعها أو عزفها، فهى صوت؛ حسنه حسن وقبيحه قبيح، وما ورد فى تحريمها صحيحه غير صريح، وصريحه غير صحيح».
هذا الجدل، يصيبك بالدهشة من حيث أن من يرفض تحية العلم والوقوف للسلام الوطنى يستند فى حجة على مبرر دينى، ومن يجيزه يرد أيضاً بسند دينى، مما يبعث على الحيرة، فأى إسلام منهما يختاره المسلم البسيط؟.
شىء من التعقل يا شيوخنا الكرام، فرحابة ديننا الحنيف وسماحته أكبر وأعظم من الانغماس فى هذا الجدل الذى يتوقف عند قشور الدين، ولا يرتب مصلحة عامة يستوجب الدفاع عنها، يرحمكم الله ارحمونا من عبث أسئلة صغارنا فى المدارس حين يقرأون آراء من هذا النوع.