وسط عشرات الآلاف من الجماهير الذين توافدوا من كل محافظات مصر، ووسط المئات من الرموز السياسية والفكرية والفنية أعلن التيار الشعبى عن ميلاده ليل الجمعة أمس الأول بعد شهور من إطلاق الفكرة، وتجول مؤسسها حمدين صباحى فى محافظات مصر للدعوة إليها ومن أجل دعمها.
احتشدت الجماهير من مختلف الأعمار والفئات فى ميدان عابدين، وهو الميدان الذى شهد مواجهة ابن مصر البار أحمد عرابى ضد الخديو توفيق، والتى أقسم فيها بأن لا نستعبد ولن نورث بعد اليوم، احتشد عشرات الآلاف فى رسالة قوية تؤكد على أن مصر لن يحتكرها لون سياسى واحد، وأن ثورتها العظيمة مازالت تبحث عن تحقيق أهدافها التى قامت من أجلها، وبعد أن راح مئات الشهداء، وخُلف آلاف المصابين فى سبيلها.
لم يكن المتواجدون من رموز وجماهير على أرضية أيديولوجية واحدة، وإنما تواجدت رموزا من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، ومن علماء دين إسلامى إلى رجال دين مسيحى، ومن سيناء إلى النوبة، تواجدوا حتى يقولوا كلمتهم فى وقت ظهر فيه الكثير من المعالم حول طبيعة سياسة الحكم الحالية.
رسالة وأهداف التيار الشعبى تحمل كثيرا من الطموح لشعب مصر من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية السياسية، لكن نجاحها يحتاج إلى جهود جبارة فى الانتشار والحركة داخل كل قرية، وكل نجع، وكل حى، وكل مدينة، وأن يكون هذا الانتشار مرتبطا بمصالح الجماهير اليومية.
عاشت مصر سنوات حكمها فى ظل مبارك، فى ظل أداء حزبى باهت وضعيف، وظلت محكومة بثنائية سلطة مبارك وحزبه «الوطنى»، وفى المقابل جماعة الإخوان المسلمين التى كان نصيبها المطاردة الأمنية والاعتقال، وفوز فى الانتخابات البرلمانية لقوة تنظيمها، ومع ثورة 25 يناير خرجت الجماهير من قمقمها، فمنهم من التحق بركب الجماعة، ومنهم من التحق بركب أحزاب أخرى تنتمى إلى قوى الإسلام السياسى، ومنهم من وجد فى الأحزاب المدنية معبرة عنه، ومنهم من لم يغادر بعد الحنين إلى زمن مبارك، لكن ظلت الرغبة متواجدة فى وجود تحالفات كبرى، تجتمع على قواسم سياسية مشتركة مرحليا، حتى لو لم يجمعها الفكر الواحد.
يأتى التيار الشعبى تلبية لهذا الطموح، لكن الطريق أمامه طويل، حتى يخرج من رومانسية الفكرة إلى واقع الفعل.