د.عثمان فكرى

الجماعة والمجلس

الأحد، 23 سبتمبر 2012 10:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ارتاحت قلوب الكثيرين بصدور حكم قضائى من المحكمة الإدارية العليا بتأكيد زوال مجلس الشعب من الوجود بقوة القانون، بعد أن اصطنعت قيادات إخوانية جدلا وهميا فى المجتمع حول قانونية عودة مجلس الشعب إلى الحياة مرة أخرى.. الراحة لم يكن مبعثها فقط زوال هذا المجلس غير المعبر عن الشعب المصرى، أو القضاء بصورة نهائية على رغبة إخوانية محمومة تسعى بكل ما تملك من أدوات ضغط لعودة المجلس من جديد.. ولكن الحكم كان دليلا جديدا ودامغا على نزاهة القضاء المصرى، وبقائه بعيدا عن إجراءات الأخونة التى تسير على قدم وساق فى جميع مؤسسات الدولة المصرية.

أفهم - ولا أتفهم - سعى الجماعة لعودة البرلمانية، وكفى الله الجماعة شر الانتخابات البرلمانية القادمة، ونتائجها التى تعلم الجماعة أنها لن تكون مثل نتائج البرلمان المنحل بأى حال من الأحوال.. ولكنى لم أعد قادرا على فهم تصريحات قيادات الإخوان وأنصارهم من أعضاء البرلمان التى أكدوا فيها على قرب عودة المجلس بالقانون.. قالها الكتاتنى ثم تراجع عنها بعدما لاقت تصريحاته سخطاً شعبياً كبيراً أضيف إلى سلسلة أسباب تراجع شعبية الجماعة، ومن ورائها الرئيس.. ثم جددها "عصام سلطان" العدو القديم، والصديق الجديد للجماعة.. وأكدها الدكتور محمد البلتاجى، وكأنه سيناريو يرى تنفيذه بين هؤلاء.. أحدهم يطلق البالون، وينتظر رد الفعل، ثم يتراجع بعد حالة الغضب.. ليحل محله قيادى آخر، بعد أن انكشف الأول.. ويأتى طرف من بعيد ليؤكد قانونيته، ويا حبذا لو كان هذا الطرف يعمل بالقانون، ليؤكد أن عودة المجلس لا تخالف صحيح القانون.

أفهم هذا السعى الحثيث فى إطار تخوف كبير بدأت تشعر به الجماعة جراء ما يحدث من تكتلات مدنية ويسارية بدأت تأخذ طريقها الجاد نحو التنظيم والتنسيق والدخول فى تحالفات حقيقية لمواجهة تيار الإسلام السياسى فى الانتخابات البرلمانية القادمة.. أول هذه التحالفات ما يعرف باسم تحالف الأحزاب المدنية الذى يرتفع عدد المنضمين إليه بمرور الوقت، ويقوده عمرو موسى، وثانيها ما يعرف باسم التيار الشعبى الذى بدا حمدين صباحى مصمما على أن ينصب نفسه كزعيم لهذا التيار الذى يستمد قوته من رجل الشارع العادى الذى لا يبدو مكترثاً بالانضمام إلى حزب بعينه، ولم تعد تغريه أحاديث الجماعة عن دخول الجنة عبر بوابة الانتخابات، يضاف إلى هذا تدشين حزب الدستور برئاسة الدكتور محمد البرادعى ومعه نخبة كبيرة من الشخصيات السياسية ذات الثقل السياسى الكبير.. يبدو خوف الجماعة وهواجسها ثم حرصها على عودة المجلس مفهوماً ومبرراً، ولكنه كان انتهازياً ونفعياً وغير وطنى فى المقام الأول.. سعت فيه الجماعة ولا تزال تسعى للقفز فوق القانون والعدالة والقضاء.. وللأسف الشديد كان قرار الرئيس محمد مرسى بعودة البرلمان بعد حله بحكم المحكمة الدستورية العليا دافعا وراء هذه الرغبة غير الشريفة بلى ذراع القانون تحت ضغط الجماعة، غير أن القضاء بقى حصناً يحمى القانون ويرعى العدالة.

المطلوب الآن أن تصمت الجماعة وتستوعب حقيقة واضحة وهى أن مجلس الشعب بأغلبيته الإخوانية ذهب فى مهب الريح، وأن الكتاتنى لم يعد رئيساً للبرلمان حتى مع استمرار سطوته على سيارة المجلس وحراسته، وأن يدرك عصام سلطان أنه صار نائباً سابقاً ببرلمان تم حله لمخالفته مواد دستورية.. ومطلوب من الأحزاب الليبرالية أن تستثمر هذه الفرصة الذهبية لتعيد بناء هياكلها من جديد، وتفعل تحالفاتها على أرض الواقع حتى تصبح جديرة بمنافسة الجماعة والسلفيين فى أعنف انتخابات برلمانية عرفتها مصر، بحسب توقعاتى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة