بالأمس أضاء الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل شمعة جديدة فى عمره المديد، وأتم عامه التاسع والثمانين. مازال «الأستاذ» رغم هذه السنوات هو القيمة والقامة الأعلى فى مهنة الكتابة والصحافة، وأبرز وأهم الصحفيين والكتاب العرب والمصريين فى القرن العشرين، وحتى يومنا هذا، فمازال هو فارس الكلمة وأيقونة صاحبة الجلالة منذ منتصف القرن الماضى، وصاحب التقاليد المهنية الراسخة فى كل مكان ذهب إليه، وتولى المسؤولية فيه. ومازال يمثل لدى كل المنتمين للمهنة مدرسة صحفية قائمة بذاتها، فقد ساهم وشارك فى صناعة جزء كبير طوال مشواره الصحفى منذ عام 42 من تاريخ المهنة، وخاض معاركها وهمومها السياسية والثقافية.
قد تختلف مع الأستاذ، وقد ترفض بعض آرائه، وتتحفظ على بعض مواقفه، لكن لا تختلف عليه لأنه يبقى قيمة إنسانية وثقافية وصحفية كبيرة، وواحدا من أبرز الصحفيين والكتاب العرب والمصريين فى القرن العشرين، بل أبرزهم على الإطلاق مع كامل تقديرنا لرموز ونجوم المهنة الآخرين، فهو مزيج ومذاق مختلف من الكتاب والصحفيين جمع بين الصحافة وأصبح فارسها وعملاقها ومرادفها، والسياسة التى شارك فى صياغة مسارها ومصيرها فى بعض الأحيان، ولذلك يظل «الأستاذ» نموذجا فريدا ونادرا فى تاريخ الصحافة المصرية والعربية، وقيمة ومكانة مهمة فى الصحافة الدولية بقلمه وموهبته ومواقفه الواضحة والثابتة.
هيكل لم يغب يوما بقلمه ورأيه وموقفه عن قضايا وطنه ومهنته، ولا يمكن نسيان جملته الشهيرة خلال أزمة القانون 93 لسنة 1995 الذى أطلق عليه قانون اغتيال الصحافة، فى كلمته للجمعية العمومية الطارئة للصحفيين، واصفا نظام مبارك فى منتصف التسعينات « بالسلطة التى شاخت فى مقاعدها» وأعتقد أن هذه الجملة كانت الوقود والشرارة فى معركة الصحفيين، بل إرهاصة معركة طويلة للشعب المصرى ضد النظام السابق.
لا أملك الآن إلا أن أقول للأستاذ كل عام وأنت بخير، كل عام وأنت متوهج وحاضر فى وعينا وضميرنا الوطنى، وما أحوجنا فى كل لحظة لآرائك وأفكارك ومواقفك، وما أحوجنا إليها الآن. لا أملك إلا أن أهنئك بيوم ميلادك، لأن نقابتنا ومؤسساتنا الصحفية والثقافية تعيش حالة الغيبوبة والتوهان عن الاحتفاء والاحتفال بقاماتنا ورموزنا الصحفية والثقافية فى زمن «المانجو»..!