لم يكن غريبا أن تبدأ صحف الحكومة ومواقع الإخوان فى نشر عدد من الأخبار عن انتظار العالم لخطبة الرئيس محمد مرسى فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم يكن مستغربا على الإعلام الذى كان يفعل ذلك مع مبارك كلما زار دولة «الهونولولو» أن يرسموا لزيارة الرئيس إلى نيويورك أجواء أسطورية حول استقبال رؤساء العالم وانبهار الصحف العالمية بتصريحاته، وكيف نقل الرئيس مرسى بتصريحاته العنترية مصر إلى حيث منطقة الندية فى العلاقة مع الولايات المتحدة.. فتلك عادة الصحف التى تعين الدولة رؤساء تحريرها، وتلك عادة الأنصار الذين يرون فى كل خطوة لرئيسهم المختار إنجازا وكأن أرض الله لم يسر فوقها أحد قبله لدرجة أن صفحات الإخوان على الفيس بوك نشرت صورة لأحد أعضاء الوفود الرئاسية وهو يتجه للسلام على الرئيس مرسى وكتبت تحتها: «رؤساء العالم يتسابقون لإلقاء السلام على الرئيس محمد مرسى».
إلى هذه الدرجة ياسيدى تتضخم الرغبة فى صناعة فرعون جديد، وبكل هذا الجهل يستخدم هؤلاء السادة نفس الوسائل القديمة التى استهلكها مبارك ونظامه وحفظها الشعب المصرى عن ظهر القلب، راجع السنوات الأخيرة وستكتشف بنفسك كيف كان الإعلام والأنصار يلوون عنق تصريحات مبارك تجاه أمريكا ليستخلصوا منها أشياء تقول بأن الرئيس المخلوع شجاع ويعامل أمريكا بندية.. وهو نفس الأمر الذى يحصل مع الرئيس محمد مرسى الذى لم يدرك حتى الآن هو ومن معه أن الندية فى العلاقة مع واشنطن لا تخلقها التصريحات ولا خطب الشعارات وإلا فنحن مجبرون على أن نعتبر صدام والقذافى أسياد أمريكا وقاهريها كما كانوا يخطبون.
الأسوأ فى كل ما يحصل يا سادة أن تصريحات الرئيس مرسى والطريقة التى تحرك بها تجاه ما يحدث فى سيناء وما حدث أمام السفارة الأمريكية وتجاه البعض من أنصاره الذين يهتفون بأشياء هم أقل قدرة وذكاء على تحقيقها جعلت مصر مجرد ورقة انتخابية يتلاعب بها المرشح الجمهورى «ميت رومنى» للحصول على دعم اللوبى الصهيونى فى مواجهة أوباما، فى تكرار تاريخى لبدايات قضية «إيران كونترا» الشهيرة حينما استغل المرشح رونالد ريجان أزمة الرهائن الأمريكيين فى السفارة بطهران وتواصل مع السلطات الإيرانية لمد فترة احتجاز الرهائن حتى يؤثر على وضع الرئيس كارتر فى الانتخابات مع وعد بصفقات سلاح تحصل عليها إيران فى حالة وصول ريجان للرئاسة، «يمكنك مراجعة الفيلم الوثائقىCOVER UP: Behind The Iran Contra Affair» لكى تفهم طبيعة القصة أكثر!!
تطابق المشهدين هنا لا يبدو بعيدا حينما تكتشف أن «ميت رومنى» وحملته يستخدمون كل تصريح غير منضبط للرئيس مرسى أو واحد من أنصاره للترويج لأن المنطقة أصبحت فى خطر بسبب سيطرة تيار إسلامى متطرف على الحكم، ولا تستخف أبدا باستخدام حملة المرشح الجمهورى الفيديو الشهير للمدعو صفوت حجازى وهو يصرخ بأن القاهرة ليست عاصمة بل القدس هى العاصمة فى الترويج لأن مصر أصبحت تحت سيطرة متطرفين لا يريدون الخير للمنطقة ويستعدون لتدمير إسرائيل.
أعرف أنك تفرح ياعزيزى بمسألة تدمير إسرائيل مثلما أفرح أنا ويفرح أى عربى مازالت قضية الأرض المسروقة تحتل مساحة من قلبه، ولكنك لن تفرح أبدا حينما تعرف أن اللوبى الصهيونى والمرشح الجمهورى «ميت رومنى» يستخدمون ما يحدث فى سيناء ويلضمونه بهذه التصريحات لزحزحة مصر من منطقة الدول الرائدة فى المنطقة إلى حيث منطقة الدول الخطيرة، ولاحقا الدول المتطرفة، ثم إلى منطقة الدول المصدرة للإرهاب وما يستتبع ذلك من إعادة تطبيق مشاهد الحصار والضغط فى العراق وسوريا وليبيا وغيرها.
لا تفرح ياعزيزى بالتصريحات التى يحاول الإعلام المناصر للرئيس تصويرها على أنها مناهضة ومعادية لأمريكا، لأنها فى حقيقتها تصريحات للاستهلاك الإعلامى والمحلى مثل تلك التى كان يطلقها صدام والقذافى والواحد فيهم كان غير قادر على حماية أرضه.