هؤلاء هم نفس الشباب ونفس الوجوه التى كانت ترج الأرض وتزلزلها بهتاف من القلب "أعظم نادى فى الكون.. ويوم ما أبطل أشجع أكون ميت أكيد"، وهؤلاء هم أيضا من هتفوا "فريق حقير فريق خسيس اديته دمى وباعنى رخيص"، وبين الهتافين تغيرت أشياء كثيرة.
تحولت تجمعات هؤلاء الشباب من تفكير فى ابتكار طرق لتشجيع ناديهم إلى التفكير فى طرق لإعادة حق أصدقائهم الذين ماتوا غدراً فى مجزرة بورسعيد، والثأر لرفاق العمر الذين لفظ كل منهم آخر أنفاسه على يد صديقه، ففرقهما الموت بعد أن جمعهم حب الأهلى، هذا هو ما تغير فى هؤلاء الشباب!!
لم يعد شاغل هؤلاء الشباب تشجيع الكرة والنادى ولكن أصبح همهم الأكبر دماء رفاقهم، والوفاء لأسرهم.
تعاملت مع عدد من شباب الألتراس بعد حادث بورسعيد، ولم أكن من قبل أعرف أياً منهم أو حتى اهتم بأخبار الكرة والرياضة.
رأيت فيهم وفاءً وأخلاقاً لا يمكن أن أصدق أو أستوعب معها كل الاتهامات التى تنهال على هؤلاء الشباب اليوم من كل الاتجاهات، رأيت كيف يرعى كل شاب وطفل منهم أسرة صديقه الشهيد، كيف يذهب إلى كل أم من أمهات الشهداء يقبل يديها ورأسها ويهب لها نفسه ابناً باراً.
رأيت وسمعت كيف تتحدث أسر الشهداء عن هؤلاء الشباب وعن شهامتهم وأخلاقهم.. هؤلاء هم نفس الشباب الذين حموا الثورة، خاصة أثناء موقعة الجمل فى الوقت الذى كان فيه من يتهمونهم الآن بالبلطجة يرددون نفس الاتهامات للثورة والثوار، أو على الأقل يتوارون حتى يتبين لهم من الذى سينتصر الثورة أم نظام مبارك فيحملون مباخرهم ويهتفون له.
هؤلاء الشباب الذين حاولوا منع اللاعبين من دخول النادى مؤخراً هم أنفسهم من استشهد عدد منهم وهم يقفون أمام حجرة اللاعبين أثناء مجزرة بورسعيد لحمايتهم.
هؤلاء هم شباب الألتراس الذين يمثلون صورة مصغرة من الشعب المصرى بكل فئاته وطبقاته وصفاته وحتى عيوبه، أبطال عند المحنة وقد يسيئون التصرف عند الغضب وفقدان الأمل، يحلمون بالعدل ويفقدون أعصابهم إذا ما شعروا بأنه حلم بعيد المنال.
هؤلاء الشباب هم ابنى وابنك إذا ما رأى صديقه يموت على يديه وإذا ذهب يغنى ويرقص بطبلة وصفارة وفانلة حمراء يشجع ناديه فعاد يحمل جثة أعز أصدقائه.
ما أقوله ليس تبريراً لما قد يصدر عن شباب الألتراس من أفعال ينقصها العقل والحكمة أو تتسم أحياناً بالعنف كرد فعل للغضب والإحباط والإحساس بأن دماء إخوتهم فى الطريق إلى أن تضيع بين القبائل، أو أن تقيد ضد مجهول، أو تتوه فى سلسلة البراءات التى حصل عليها الكثير من قتلة الثوار بسبب طمس الأدلة وضعفها، ولكن تعجباً من كل الاتهامات التى تنهال عليهم حتى من أشخاص كان عليهم أن يتواروا ويختفوا إن كان لديهم ذرة من دماء.
هؤلاء الشباب هم أجمل ما فى مصر، الورد اللى فتح فى جناينها، ولكننا نصر على ألا نرى منه إلا الشوك، لا نرى فيه إلا العنف الذى كنا أحد أسبابه، بأمن متواطئ تركهم يذبحون أمام الكاميرات، وإعلام كاذب محرض، وعدالة بطيئة، وأجهزة ترى فى هؤلاء الشباب عدواً وخصماً يجب كسره والقضاء عليه والثأر منه.
هذا هو ما يجرى الآن على قدم وساق، خطوات فى طريق التخلص من الألتراس، حتى إننى علمت أن بعض أجهزة الدولة تسعى بشكل جدى إلى محاولة تفكيك الألتراس والقضاء عليه من الداخل، ولعل حملات تشويه شباب الألتراس جزء من هذه الخطة التى لا ننكر أن شباب الألتراس أنفسهم قد ساهموا فى نجاحها ببعض التصرفات المندفعة وغير المدروسة التى ارتكبوها فى الفترة الأخيرة.
ولأننى لا أنكر تعاطفى وانحيازى لشباب الألتراس أنبههم لهذه المحاولات التى قد ينساقوون ويتم دفعهم دفعاً إليها فيساهمون بأنفسهم فى نجاحها.
أجهزة الدولة الهمامة التى مازالت تفكر بأسلوب نظام مبارك رأت فى تفجير وتفكيك الألتراس حلاً للقضاء على قوته بدلاً من استيعاب واحتواء طاقة هؤلاء الشباب وترابطهم ووفائهم، رأت فيهم خصماً بدلاً من أن ترى فيهم المستقبل فتحتضنهم وتستوعب أخطاءهم وتوجهها.
فهل تنجح خطة تفكيك الألتراس وهل ينتبه هؤلاء الشباب فلا يساهمون بأخطائهم فى نجاح هذه الخطة؟! أم يختفى الورد يوما فلا يبق منه إلا الأشواك؟!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد الباز
طب وبعدين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود باهى
مين يقدر على الالتراس
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد مصطفي
سيدتي. هم مذنبون
عدد الردود 0
بواسطة:
رافت
الهمجية شىء اخر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
ايها النفاق كم انت لذيذ
حسن المستكاوى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصري
علية العوض ومنة العوض
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماعيل
معنى القصاص