لافت للنظر ما أعلن عنه الرئيس محمد مرسى من أن مصر تنتوى أن تكون فى مرحلتها الراهنة فاعلة على المستوى الدولى، وهو اتجاه يمثل انقطاعا بين مرحلة سياسات الرئيس السابق مبارك الذى اعتمد نهج الانكفاء داخل الحدود الدولية لمصر، مع إغفال الامتداد الجغرافى والسياسى والثقافى الحتمى لحدودنا، بدعوى الاهتمام بمشاكلنا وقضايانا الداخلية، وكانت النتيجة تفاقم المشاكل والقضايا الداخلية واجتراء القوى الإقليمية والدولية على أطرافنا وامتداداتنا الحيوية من الجهات الأربع فى أفريقيا السودان وحوض النيل والشمال العربى وفى جنوب أوروبا وعلاقاتنا المتوسطية وفى الشرق العراقى السورى اللبنانى الفلسطينى.
ومن هنا تأتى أهمية أن تكون الصين هى الوجهة الاقتصادية الأولى وليس واشنطن أو أيا من عواصم أوروبا الغربية، رغم ما فى المواقف السياسية من اختلافات على صعيد السياسة الخارجية بين القاهرة وبكين، لتكون تدشينا لانفتاح مرجو على الكتلة الاقتصادية الآسيوية ومنهجها الأكثر اهتماما بالعدالة الاجتماعية وسبل توزيع الثروة.
نتصور أن الرحلة إلى بكين ستكون بمثابة نقطة البداية لمشروع ممتد تحت نظر مؤسسة الرئاسة لتعظيم فوائده وتطويره باستمرار وتذليل أى عقبات فى طريقه، كما نتصور أنه سيكون بمثابة نقطة انطلاق لتطبيع اقتصادى مع دول مثل الهند وماليزيا وكوريا الجنوبية للاستفادة بخبراتها وجذب استثماراتها لصالح المشروعات العملاقة الموجودة فى الوزارات وبيوت الخبرة المصرية منذ سنوات ولا ينقصها سوى الإرادة السياسية المتجردة من شبهة المصالح الشخصية.
كما نتصور أن مسار الرحلة إلى بكين فى مراحلة المقبلة سيجتذب بالضرورة رؤوس الأموال العربية الباحثة عن الاستثمار الآمن والواعد، ومن ثم الدفع باتجاه المشروعات التكاملية العربية بما فيها السوق العربية المشتركة، ولكن من خلال المسار الصحيح عبر الأسواق العربية ورجال الأعمال وأصحاب المصالح الحقيقية وليس من خلال السياسات الفوقية للحكومات، ومن هنا تتحقق الفاعلية الإقليمية والدولية لمصر الناهضة اقتصاديا، من دون عنتريات أو مغامرات سياسية وعسكرية على غرار ما كان يحدث فى عهود عربية سابقة.
فهل حقا ما نتصوره عن آفاق زيارة مرسى ووفد رجال الأعمال المصريين إلى بكين، أم أن الزيارة لا تعدو أن تكون رحلة لتوقيع عدة اتفاقات لتنشيط التبادل التجارى مع العملاق الصينى وزيادة استثماراته لإنجاز مشروعات محددة؟ وهل تتناقض زيارة بكين فى جوهرها مع اعتماد أجندة صندوق النقد الدولى التى لا يظهر منها سوى قرض الـ4.8 مليار دولار، ومع الاستعدادات المحمومة لدخول البنك الدولى مصر فى 4 سبتمبر الجارى من خلال حزمة تمويلية مشروطة لبرامج ومشروعات الحكومة وضخ الأموال فى جمعيات رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى؟ سؤال يستحق أن نبحث عن إجابته، أو أن نصنع إجابته بإرادتنا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حسين
ماذا عن مشاركة الصين فى المشروعات الاخرى