حلمى النمنم

ازدراء الأديان

الأحد، 30 سبتمبر 2012 07:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«الصخب» هو العنوان الذى يلخص حياتنا ومواقفنا، الصخب فى كل شىء، صخب فى الغضب وفى الفرح، ومع الصخب لا نتريث ونردد كلاماً ونريد أشياء قد تكون مناقضة لأفكارنا ولا نكون مستعدين لنتائجها لو تحققت، من ذلك الصياح والصخب مطالبين الأمم المتحدة بإصدار قانون يجرم ازدراء الأديان والإساءة إلى الأنبياء، وتكرر ذلك المطلب من شخصيات رفيعة إبان أزمة الفيلم البذىء، والواضح أن الذين أطلقوا هذا النداء لم يتبصروا فى الأمر.

نحن فى مصر لا نعترف بغير الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام، والمسيحية، واليهودية، لكن الأمر فى الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية، ليس كذلك، هم لا يميزون بين ديانة سماوية وأخرى غير سماوية، الأديان عندهم سواء البوذية والهندوسية وغيرهما من الديانات تستوى تماماً مع الديانات السماوية.. وحتى لو لم تكن هناك ديانة كبرى، بل مجموعة أفراد زعموا أنهم يعتنقون ديانة ما من اختراعهم وابتداعهم هم، فلأتباعها نفس الحقوق، ومن ثم فإننا فى مصر سوف نلام -أقصد الدولة المصرية- لأنها لا تعترف بغير الأديان الثلاثة، وعندنا مواطنون مصريون يعتنقون الديانة البهائية، وبالمعايير الدولية من حقهم أن ينالوا الاعتراف الرسمى، وأن يمنحوا الوثائق الرسمية التى تثبت ذلك، ونحن فى مصر نتعقب -أقصد وزارة الداخلية- أى مواطن مصرى مسلم يعتنق المذهب الشيعى، وبالمعايير الدولية يعد ذلك ازدراءً واضطهادًا.

فى الجانب المسيحى هناك الشىء نفسه الاعتراف الرسمى بالأرثوذوكسية والكاثوليكية، والإنجيلية، لكن ماذا عن بقية الطوائف مثل أتباع ماكسيموس أو المورمون وغيرهما، هؤلاء أيضاً لا يجدون اعترافاً رسمياً من الدولة، ولا يسمح لهم بممارسة شعائرهم وطقوسهم علناً، وتدان الدولة فى المحافل الدولية بسبب ذلك.

وهناك من أطلق عليهم أمنياً «عبدة الشيطان»، فلو ظهرت مجموعات منهم علنا وقالوا إنهم يعتنقون ديانة بهذا الاسم، ولا يتعرضون بأذى يجرمه القانون للآخرين لكان من الواجب أن تعترف بهم الدولة رسمياً وأن تكف يد الداخلية عنهم.

أكثر من ذلك لو ظهرت جماعة من المواطنين وأعلنوا أنهم لا يعتنقون أى دين، فليس من حق الجهات الرسمية أن تعترضهم، بل عليها أن تثبت ذلك رسمياً فى أوراقهم إن أرادوا، ذلك أن المؤسسات الدولية تجعل حرية الفرد مبدأها الأساسى ولا تنحاز لدين أو لإنسان وفق ديانته، ولنتذكر قصة إخراج د.بطرس غالى من الأمم المتحدة وهو «المسيحى» ليحل محله كوفى عنان «المسلم»، وكانت ميزة كوفى عنان أنه ليس عجوزا مثل د.بطرس.. وبالتأكيد كانت هناك عوامل سياسية فى خلفية الموقف.

ويبدو أننا نفهم ازدراء الأديان على طريقتنا، أى رسوم مسيئة بحق رسول الله، الأمر أكبر من ذلك بكثير، الرسوم المسيئة يتم الرد عليها برسوم، والفيلم دواؤه فيلم مقابل وهكذا.. لكن الازدراء والإساءة أكبر، وأخشى القول إن الرسوم والفيلم يصعب منعهما أو محاكمة من قاموا بهما، ولذا كانت الولايات المتحدة حريصة على إبراز أن مخرج الفيلم البذىء تم التحفظ عليه لسبب آخر لا علاقة له بالفيلم، والحق أن الولايات المتحدة شهدت أفلاماً بحق السيد المسيح أشد بذاءة من الفيلم الذى قُدم بحق نبى الإسلام، صلى الله عليه وسلم.

فى الهيئات الدولية لا يوجد شىء اسمه ازدراء دين معين، لكن هناك ازدراء أتباع ديانة معينة، وهذا مجال نسبى ويفتح الباب لأمور كثيرة، مثلاً بعض الحانقين على المسلمين يرون فى الآية القرآنية الكريمة «إن الدين عند الله الإسلام» ازدراء للأديان الأخرى، وهى ليست كذلك إذا رجعنا إلى السياق الذى نزلت فيه والدلالة الدقيقة لها.

باختصار كان من حقنا أن ننفعل وأن نغضب، لكن لابد أن يكون فينا جزء من التعقل وإدراك مدى التعليمات التى نقولها والمطالب التى نطرحها، مثل مقولة قانون دولى يجرم الإساءة للأديان وللأنبياء.. ولو أننا تأدبنا بأدب القرآن الكريم ومواقف النبى الكريم، لترفعنا عن هذا كله، ولما جعلنا بعض الشخصيات البذيئة تصطادنا فى فخ محقق، كنا نحن من أضير منه، فأسأنا إلى أنفسنا بأكثر مما أساء الآخرون إلينا، وكان نصيبنا الإساءة من الآخرين وإساءة أشد من أنفسنا. وصدق الله العظيم حين قال «ادفع بالتى هى أحسن» ونحن دفعنا بالتى هى أسوأ.. ونطالب بسن قانون نحن أول من سيعانى منه لو صدر.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

wafeyaatta

ازدراء الاديان

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة