غَضِبَ محمد أبوتريكة بعد انكشاف لاأخلاقية قوانين الكرة المصرية، التى لم تحترم الدم، وبصقت على أبطال الألتراس، فى سبيل حفنة من الأموال.
إن قلوب الألتراس الشابة لم تتلوث بعد بكل التشوهات التى تجعل الكثيرين يدوسون على دماء الأبطال فى سبيل حياة مهينة، مازال أعضاء الألتراس شبابًا، تُدْهَش قلوبهم من قدرة الظلم على اتخاذ منطق لنفسه يقنع الناس، مازالوا يشعرون بالخجل إذا ضحكوا أو أكلوا أو أحبوا وتزوجوا بعد استشهاد أصدقائهم، وليس سوى القصاص الذى يمكن أن يخفف عنهم شعورهم هذا بعض الشىء.
كان البدائيون يحزنون على شهدائهم الذين يُقتلون فى المعارك، لأنهم يعرفون أن من يُقتلون هم الأشجع والأنبل، وكان شعورهم بالذنب يدفعهم إلى عبادة من استشهدوا باعتبارهم أبطالاً قتلوا من أجل الوطن والشعب، فيما يعبد المتحضرون الآن المال لأنه هو الذى يؤمِّن لهم السيادة والنفوذ، وأنا لا أصدقهم عندما يقولون إن هدفهم هو "الغلابة".
المستفيدون من عودة لعبة الكرة وعجلة الإنتاج بداخلهم كراهية ليس لها حدود تجاه هؤلاء الأبطال الذين فقدوا أرواحهم فى سبيل الحق، لأن استشهادهم يكشف مدى وضاعة عبيد المال والنفوذ والسلطة، والأكثر صدمة لهؤلاء وما يغيظهم ويُطَيِّرُ النوم من عيونهم أن هؤلاء الفدائيين لم يُقْضَ عليهم كلهم، وأنه مازال منهم الكثيرون تحت اسم "الألتراس".
ليست القضية فقط المطالبة بالقصاص من قتلة الألتراس، لكنها أيضًا القصاص لكل شهداء الثورة، وقبل ذلك وبعده إقامة مجتمع العدل الذى لا وجود له، مادام القتلة أحرارًا، فمن الطبيعى أن يقتلونا مرة ثانية وثالثة؛ ماداموا لا أحد يقتص منهم، إننا نشعر بانعدام الأمن كلما عادت الشرطة إلى الأقسام والشوارع والقرى.
ليست الحملة التى يقودها بعض المنتفعين من الرياضة فى مصر سوى استمرار لنهج الثورة المضادة، الذى ينكر على الثورة حقها فى الوصول إلى مجتمع عادل، حدوده الدنيا ألاَّ تكون دماء البشر رخيصة، وما الاستهانة بدماء أبطال الألتراس، حماة الثورة، إلا شكل من أشكال إنكار العدالة، الذى بدأ بتبرئة ضباط الشرطة والقيادات الأمنية من جرائم قتل الثوار، ليضيع دم الثوار ويضيع القصاص، ويطرح البعض سؤالاً أبلهَ: "من الذى قتل الثوار؟". رغم أننا نعرف منذ سنوات طويلة من الذى يَقتل فى مصر ويُخفِى الأدلة، وهم المسئولون عن الأمن والأدلة فى الوقت ذاته، "والبلد بلدهم والدفاتر دفاترهم".