البحث فى مواطن التشابه والاتفاق بين تيار الإسلام السياسى، بشقيه الإخوانى والسلفى، وتيار القوى المدنية بأطرافه الليبرالية واليسارية، وما ينتمى منه إلى حزب الكنبة، وحركة «اللى مالهمش فيها»، تستخلص منه نتائج قادرة على إدهاشك أكثر من «زوزو» قردة الإعلان الشهير الراقصة، بل أكثر من «الفريسكا» نفسها.
الواقع يا «سيدى وياستنا» يقول بأن أوجه الشبه بين هؤلاء الذين يرون أولئك كفارا وأعداء للدين، وأولئك الذين يرون هؤلاء متطرفين ورجعيين، أكثر مما تتخيل، وتحديدا فيما يخص الأمور الفكرية والعقلية والأخلاقية.
تيار الإسلام السياسى رفع راية الهجوم على الفلول، وبقايا نظام مبارك، وفى الوقت نفسه لم يجد حرجا من الاستعانة بهم فى الحكومات، ولم يسعفه خجله لتقديم أى تفسير للقاءات قيادات الإخوان مع عمر سليمان حينما كان الدم سائلا على أرض ميدان التحرير، أو للقاءات قيادات السلفيين مع شفيق. وتيار القوى المدنية كان له السبق فى رفع راية عزل الفلول منذ اليوم الأول لثورة 25 يناير، وفى الوقت نفسه فشل فى أن يقدم تعريفا واضحا للفلول، وبقايا نظام مبارك، فدارت الأيام ليتحول عمرو موسى قائدا فعليا لحركة إعادة تماسك القوى المدنية، ويتحول كل مقدمى البرامج الذين احتسبهم البعض يوما ما رجال مبارك إلى رؤوس حربة القوى المدنية فى المعركة مع الإخوان.. وفى كلتا الحالتين كانت الثورة، وكانت مصر الضحية الوحيدة، لأنها فشلت فى التخلص من بقايا نظام مبارك، لأن السادة فى الإخوان والسلفيين والأحزاب الليبرالية اتخذوا منهم جسورا للوصول إلى أهداف السيطرة، وشماعات لتعليق الفشل، وخيوطا ينسجون بها نظريات مؤامرة تنجيهم من أسئلة الناس حول الإنجازات، ومصير الوعود التى لم تتحقق.
ومن بين ركام المعارك السياسية الدائرة بين تيار الإسلام السياسى، والقوى المدنية، يمكنك أن تلحظ جثة لضحية أخرى من ضحايا الصراع الدائر على «ترابيزة» النخبة المصرية، الإسلامى منها والليبرالى واليسارى.. عن المرأة المصرية نتكلم.
النتاج الحقيقى لشهور العام الفائت يقول بأن الخاسر الأكبر فى وطن ما بعد الثورة هو المرأة المصرية التى كانت- وللغرابة- الأكثر مشاركة، والأكثر حماسة فى المظاهرات، وفى طوابير الانتخابات، ومع ذلك أفقدوها الشعور بالأمان والحماية والرجولة حينما شاهدوا قوات الأمن وهى تسحلها وتعريها وتضربها دون أن يعترض أحد، أو تحصل على حقها من محاكمة عادلة كان من المفترض أن تتم فى عهد الرئيس المؤمن المتدين حامى الأعراض، لكنه فضل أن يكرم ويشكر القائمين على تلك الجريمة بدلا من ذلك.
فى الشهور الفائتة تعرضت المرأة المصرية لأبشع أنواع الاستغلال من قبل التيارين، الإخوان والسلفيين الذين يرون فى صوتها عورة، وفى خروجها للشارع فتنة، وهى بالنسبة لهم فى عالم السياسة أداة يحركونها لطرق أبواب البيوت من أجل إقناع الغلابة بخططهم ومرشحيهم، بينما الإخوة فى الأحزاب المدنية استغلوها بتحويلها إلى أداة للتخويف من الإسلاميين، والترويج لفتاوى الجهل الخاصة بضرب النساء، ومنعها من الخروج، من أجل ترويع الشارع من الإسلاميين دون أن يتطوع أحد من أهل التيار الليبرالى ليفسر للناس أين كانت المرأة من قوائمهم الانتخابية، وأين هى المرأة من المناصب القيادية فى الأحزاب والحركات السياسية.
للأسف الشديد، لا فارق فى وجهات النظر بين هؤلاء أصحاب اللحى الذين لا يرون للنساء سوى طريق واحد هو البيت والزوج، وأولئك أصحاب شعارات الحرية الذين لا يقول واقعهم المقهورة فيه المرأة، والموجودة على هامشه دوما، ما تقوله شعاراتهم وكتبهم وندواتهم عنها.
للأسف لا فرق.. المتطرفون يجتهدون فى الإفتاء بأن المرأة عورة، لا مكان لها سوى البيت حتى يشعر معها بلذة الامتلاك الفردى خلال رحلة السرير.. والليبراليون -أو من يدعون ذلك- يجتهدون فى إقناع المرأة بحريتها وتفردها، وعظمة إبراز جمالها حتى تصبح الرحلة معها إلى السرير سهلة.
وبين أطماع هؤلاء وجشع أولئك، تبقى المرأة المصرية الحقيقية التى تعول أسرًا، وتزرع حقولا، وتملأ الشوراع بحثا عن رزق أو طموح، تائهة بين صور الأبيض والأسود التى تظهر فيها أمك وأمى، وجدتك وجدتى قويات باسمات ملكات لا تخجل الواحدة منهن من ملابسها، سواء طالت أم قصرت، ولا تضطر الواحدة فيهن لتقديم أى تفسير عن طبيعة قصة شعرها أو حجم فستانها، حتى النموذج الذى جعلوه رائجا للتدليل على ضعف المرأة المصرية وخضوعها، وهو نموذج الست «أمينة»، لم يكن أبدا بهذا الضعف والخضوع، بل كانت «أمينة» وبنات عصرها أقدر على صياغة نموذج جامع ما بين الهدوء والحنية والذكاء لإدارة المنزل، والحياة بطريقة يتخيل معها الرجل المصرى أنه كان «سى السيد»، ولكنه فى الحقيقة كائنا يصاب بالضعف والشلل إذا غابت «أمينة» عن المنزل أو حياته!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد هاشم
شكراً لك سيدي الكريم
عدد الردود 0
بواسطة:
خليجي
مقال سخيف
عدد الردود 0
بواسطة:
safaa
مقال جيد و لكن
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد كمال
أتحداك
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
حرية المرأة