د. رضا عبد السلام

التحالفات الانتخابية.. هل الغاية تبرر الوسيلة؟!

الجمعة، 11 يناير 2013 06:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى السياسة.. كل شىء مباح.. وفى السياسة لا مجال للحديث عن الحلال والحرام، أو المشروع أو غير المشروع، فقد تحالف الغرب مع حكام مستبدين فى عالمنا العربى لعقود من أجل فرض السيطرة على مقدرات هذه الأمة واستنزافها.

وعلى المستوى الداخلى، وقبل الانتخابات البرلمانية السابقة تحالف الوفد مع جماعة الإخوان المسلمين!!، إنها المصالح السياسية والانتخابية، ولهذا أقول دائماً لطلابى أن العلاقات الدولية أو السياسة لا تعرف إلا المصلحة ولا مجال للحديث عن مُثُل أو قيم، ففى الوقت الذى هب فيه الغرب لإخراج صدام من الكويت، كانت البوسنة وشعبها تحترق وتذبح على أيدى الصرب المجرمين، وهو ما دفع وزير خارجية البوسنة آنذاك أن يقول من على منبر الأمم المتحدة "إننا لسنا محظوظين كالعراق، فليس لدينا نفط لكى يهب العالم لنصرتنا!!".

الآن، ونحن على أبواب الانتخابات البرلمانية، التى يفترض أن تكون حاسمة فى تاريخ مصر السياسى والاقتصادى، تثار تساؤلات كثيرة، وعلى رأسها "مؤكد أن العملية ستشهد تحالفات، ولكن ما هو شكل تلك التحالفات؟ وهل هى ظاهرة صحية؟ وكم من التحالفات سيواجه المواطن المصرى؟".

على صعيد التيار الدينى، مؤكد أننا سنرى أكثر من قائمة، فالمؤكد أن الإخوان سيتقدمون بقائمة مستقلة قد تضم معها بعض الأحزاب الدينية الورقية، أما على صعيد التيار السلفى، فلدينا الآن حزب الوطن، الذى ولد من رحم حزب النور، فهل سيتحالفان؟ وإذا تحالفا، فلما انفصلا من الأساس؟ إنها السياسة يا عزيزى وليس الدين!!.

أما على صعيد التيار المدنى، فلدينا، إن شاء الله، العديد من القوائم المحتملة، فالوفد يشعر بأنه ليس أقل من أن ينزل بقائمته المستقلة بعد أن فاز بأكثر من 50 مقعدا فى المجلس السابق، ولهذا مصلحته (السياسة) فى النزول منفرداً، لأنه أكبر من أن يشكل تحالفاً مع أحزاب غير معروفة إلا فى الإعلام وفضائيات الدمار الشامل.

ومن جهة أخرى هناك عدد من الأحزاب البينية أو الوسطية، وعلى رأسها حزب مصر الذى أسسه الدكتور عمرو خالد، وحزب مصر القوية الذى أسسه د. أبو الفتوح، وحزب الوسط، فإلى أى فريق ستنضم تلك الأحزاب؟ هل إلى الأحزاب الدينية، وبالتالى ينفر منها من آمن بالدولة المدنية؟ أم أنها ستنضم إلى تيار جبهة الإنقاذ، ولكنها بهذا ستخسر الرافضين للمغالين بعلمنة الدولة المصرية؟ أم أنها ستشكل تحالف ثلاثى فيما بينها وتكسب الشارع التواق إلى الرؤية الوسط؟!.

منطق الشخص العادى، الذى تعنيه القيم والقناعات هو أن لكل حزب قسمات وسمات تميزه، فالتنوع أمر مفترض فى الأحزاب وإلا لما التعدد؟! ولهذا بمنطق الشخص العادى الذى يؤمن بفكر حزب معين سيجد نفسه أمام أمر قد لا يسعده، فقد يضطر الحزب الذى يؤمن به وينتمى إليه إلى التحالف مع أحزاب يكره مجرد ذكر اسمها، فماذا سيكون الموقف؟!

منطق السياسة يقول إن الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالى فإذا كانت الغاية هى الوصول إلى البرلمان، والمنافسة بقوة أمام التكتل الآخر، فإن على الحزب الجديد التحالف مع أحزاب يختلف معها فكرياً، بحيث بعد انتهاء مرحلة الانتخابات يدخل كل حزب البرلمان ليعبر عن فكره وليس فكر الحزب الذى تحالف معه، هذا هو منطق السياسة الذى قد يراه البعض تسلقاً وخروجاً على القيم والمبادئ.

أما منطق الشخص العادى فيقول، عليك خوض الانتخابات وأنت تعبر عن فكرك ومبادئك أنت، لأننى سأنتخبك أنت بفكرك الذى أؤمن به، ولكن هذا المنطق العادى كما يقال لا يُثمِن ولا يغنى من جوع فى عالم السياسة، فالأحزاب الصغيرة الجديدة لن تحظى بأى نجاح فى ظل تشرذمها وانقسامها أمام كيانات كبيرة.

وفى الختام، أعتقد أنه لن تكون هناك مشكلة كبيرة أمام الأحزاب ذات التوجهات الصريحة والواضحة والقاطعة، كحزب النور أو الحرية والعدالة أو الدستور أو الوفد، ولكن الصعوبة الأكبر ستواجه الأحزاب البينية كحزب الوسط ومصر القوية وحزب مصر الذى أسسه الدكتور عمرو خالد.

إلا أن البعض الآخر قد يرى أن من الأفضل لتلك الأحزاب البينية، أى التى توازن بين الهوية الإسلامية والدولة المدنية أن يدخل كل منها الانتخابات بقوائم مستقلة، وأن الفرصة مهيأة تماماً أمام تلك الأحزاب بعد أن مل وكره الشارع المصرى كلاً من الأحزاب الدينية والليبرالية، وبالتالى فإن دخل أى من تلك الأحزاب الانتخابات بقائمة مستقلة فسيخطف الأضواء ويحظى بحصة غير قليلة من المقاعد.

إنه جدل داخلى أعايشه، ويعايشه معى المقربون إلى حاليًا، فكل الاحتمالات ممكنة فى عالم السياسية، ولكن كل ما أتمناه أن تثمر تلك التجربة الفاصلة عن ولادة برلمان يعكس بحق طموحات شعب مصر، الذى بدأ يكفر بالثورة، أتمنى من كل التيارات أن تتوقف للحظة وتتذكر مصر، الحاضر الغائب فى هذه الملهاة. والله الموفق.

* أستاذ بحقوق المنصورة








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة