فى المادة الأولى لدستور الإخوان ما نصه: الشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية، ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية وبامتداده الآسيوى، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية.. أما فى المادة السابعة من الدستور فنصها كالتالى: الحفاظ على الأمن القومى، والدفاع عن الوطن وحماية أرضه، شرف وواجب مقدس. والتجنيد إجبارى؛ وفقاً لما ينظمه القانون.
ولقد رأينا عبر مقالى أمس كيف شاركت الجماعة بإيجابية فى الحضارة الإنسانية من خلال هدمها للآثار الفريدة وتقاعسها عن حمايتها برغم تحذيرات الصحافة المتكررة، كما رأينا كيف تشارك الجماعة «بإيجابية» فى الحضارة الإنسانية عبر تخاذلها المخزى فى حماية منطقة آثار دهشور التى اعتدى فيها البلطجية على الأهرامات الفريدة وأصبحوا متحدى كل القوانين المحلية والعالمية بمباركة الجماعة التى تخشى من أن تدافع عن «هيبة الدولة» الحقيقية، وعن ميراثها الحضارى «الحقيقى» رغبة منها فى حصد الأصوات الانتخابية فى موقعة البرلمان الآتية، واليوم موعدنا مع التطبيق العملى للمادة السابعة لنرى كيف يكون التجنيد إجبارياً وكيف ينظم القانون هذا التجنيد فى زمن الإخوان وتكون حماية الوطن وأراضيه شرفا مقدسا.
الجماعة التى أصبحت «لا تخاف ولا تختشى» تجتهد منذ أيام لتمرير قانون مشبوه آخر يسمح للهاربين من الخدمة العسكرية بتبوء أعلى المناصب والتمتع بالحصانة البرلمانية دون أن تسأل نفسها: هل يقدر من سولت له نفسه الهروب من خدمة وطنه على الحدود والثغور على أن يخدم المواطنين فى الأحياء والمدن؟ وهل يساهم قانون كهذا فى تدعيم فكرة التضحية من أجل الوطن وفدائه بالمال والعرق والعمر أم يساهم فى تربية الأنفس على الهرب من المسؤولية الوطنية وتدعيم روح الاستكانة والخنوع؟
لا أبالغ إذا قلت إن الجماعة التى تريد أن تسن قانونا كهذا لا تعرف شيئا عن الأمن الوطنى ولا يهمها أمننا الوطنى بأى حال من الأحوال، فالأهم عندها هو مقدار ما تحصل عليه من أصوات انتخابية فى البرلمان، فلعاب الجماعة يسيل كلما رأت أموال الداعمين أو أنصار الهاربين، فالجماعة «معذورة» فى لهاثها هذا فهى تريد أن تسدد فاتورة بعض رجال الأعمال الهاربين من الخدمة العسكرية والذين دعموها فى الجولات الانتخابية الماضية بالمال والرجال والعدة والعتاد، فعلى حد علمى هناك رجال أعمال كثيرون مرتبطون بمصالح وثيقة مع الجماعة يريدون الآن أن يحصلوا على مكافأة دعمهم لها، منهم رجل أعمال شهير بأحد مدن القناة وآخر بإحدى محافظات الدلتا، وآخرون بالصعيد، وقد كان لهؤلاء أتباع فى ميدان التحرير حينما كان الإخوان يسيطرون عليه فى مليونياتهم، يرفعون لافتات تطالب بإلغاء قانون منع المتخلفين عن الخدمة العسكرية من الترشح للبرلمان، وقد جاء الوقت لتسدد الجماعة فاتورة دعم هؤلاء «الهاربين».
هذا القانون المشبوه الذى تريد الجماعة أن تمرره وسط رفض الجيش الصارم يؤكد أننا مازلنا نعيش فى زمن الحزب الوطنى بحذافيره، فهذا الحزب الغابر كان مثل الحزب الحاكم الغابر أيضاً فى تزلفه لرجال الأعمال وحرصه على ترضيتهم على حساب أمننا الوطنى، تماماً مثلما كانت تريد أن تمرر قانون الصكوك لتسهيل الاستيلاء على مواقعنا الاستراتيجية الحساسة مثل قناة السويس فوقف لها الأزهر بالمرصاد، لكن السؤال الآن: لماذا تهتم الجماعة دائما بسن القوانين وإصدار القرارات التى تنال من أمننا القومى؟ ولا تهتم بإصدار القوانين التى تحقق العدالة الاجتماعية؟ ولماذا تحرص على استغلال سلطاتها سواء فى مجلس الشورى أو فى كرسى الرئاسة من أجل تمرير قوانينها المشبوهة أو الإفراج عن الإرهابيين المجرمين الذى أدانتهم المحاكم «المدنية» بعدما اعترفوا بجرائمهم أمام النيابة وليس أمام «أمن الدولة»؟ والسؤال الأهم هو: ماذا يا ترى كان سيصبح الوضع لو لم يكن على رأس جيشنا رجل كـ«السيسى» أو على رأس الأزهر رجل كـ«الطيب»؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة