استمرار السياسات الحكومية على نفس البرامج السابقة يعنى أن النظام السابق لا يزال مستمراً لذلك فوجئنا بحملة تبريرية من الإخوان على حادث قطار البدرشين
كارثة قطار البدرشين التى سقط فيها 19 قتيلا وإصابة العشرات من شباب مصر، الذين يخدمون بلدهم وينتقلون فى أول يوم لهم بالخدمة الوطنية لن تكون الأخيرة، وسوف تتكرر طالما أن النظام ذاته لم يتغير، وأنا أقصد هنا النظام المستمر مما قبل الثورة حتى الآن.
نعم ليس خطأ لغويا النظام لم يتغير بل استمر بعد تغير الأشخاص، وأصبح هو ذاته بنفس إهماله وأخطائه، وليس كما قال الدكتور الكتاتنى إنها تركة النظام السابق، ولكنها نفس السياسات المستمرة، وكأن مصر لم تشهد ثورة ولم نغير النظام ولم ننتخب رئيسا؛ المفترض أن تكون سياساته مختلفة واختياراته للقيادات وفقا للكفاءة والعلم والخبرة وليس الأهل والعشيرة.
تاريخيا، بدأت تتسارع وتيرة الحوادث فى هيئة السكة الحديد فى عقد التسعينيات، وقد استقال عدد من الوزراء ورؤساء الهيئة عقب عدد من حوادث القطارات التى راح ضحيتها المئات من المصريين، فاستقال الدكتور الدميرى وعصام شرف، ثم فى 2010 استقال الوزير محمد منصور بعد أن حصل من الحكومة على مبلغ 6 مليارات جنيه لتنفيذ خطة إحلال جرارات جديدة وتط
وير السكة الحديد ولم يمهله القدر، حيث استقال فى حادثة مشابهة قبل الثورة بأيام.
لا يمكن أن نعزل الانهيار الحادث فى قطاع السكة الحديد عن انهيار شامل شهدته الدولة المصرية فى جميع مرافقها ومؤسساتها، التى بلغت ذروتها مع اقتراب نهاية عام ٢٠١٠، وكانت أبلغ وأبرز الحوادث هى حادث العبارة السلام -التى تعمل فى نقل الركاب بين موانئ مصر والمملكة السعودية- ومقتل أكثر من ألف مواطن مصرى غرقا فى عرض البحر الأحمر، رغم وصول إشارات الاستغاثة إلى أكثر من بلد فى المنطقة فى ظل حالة نوم كاملة لكل مؤسسات الدولة المعنية بالإنقاذ، فظل المصريون يصارعون الموت فى البحر لأكثر من اثنتى عشرة ساعة، ومن قبل كان حادث قطار العياط الذى اشتعل بالمواطنين وتوفى أكثر من ثلاثمائة مصرى، وأصيب أكثر من ألف، فضلا عن تدهور شامل فى الخدمات التى تقدم للمصريين وسيادة الفساد والرشوة والمحسوبية.
الثورة وإن كان شعارها إسقاط التوريث ونظامه، لكنها كانت ضد كل أشكال الفساد الإدارى والمالى والاقتصادى والاجتماعى، وفى الحقيقة لا يزال هذا التدهور قائما، فالتهام الأراضى الزراعية بما يهدد مستقبل مصر الغذائى، ومما قد يؤدى إلى عدم قدرة الدولة على توفير الغذاء مازال مستمرا، وهناك أيضا عشوائية البناء وتخلف الرعاية الصحية المقدمة للمصريين الذين لاحظوا جميعا الفارق بين مستوى المستشفيات والخدمات الصحية فى غزة ومصر، وهى أفضل بمراحل من قرينتها فى مصر ويكفى أن ننظر كيف هى المستشفيات التى استقبلت الجنود المصريين فى حادث البدرشين.
إن استمرار السياسات الحكومية على نفس البرامج السابقة يعنى فى الحقيقة أن النظام السابق لايزال مستمرا، لذلك فوجئنا بحملة تبريرية من الإخوان المسلمين منهم من اتهم نظام مبارك، ومنهم من اتهم الطرف الثالث، وآخرون اتهموا المسيحيين كل هذا لمواجهة حديث المصريين ومقارنتهم بين العهدين السابق والحالى.
يجب أن تعترف الجماعة بفشل هذه الحكومة وعدم قدرتها على تقديم أى حلول لمشاكل مصر رغم أن الرئيس فى برنامجه تحدث عن قدرته على تقديم حلول عاجلة، الفشل هو ثمة الأداء الحكومى، وإذا استمر هذا الأداء فإن مصر تسير على حافة الهاوية لتصبح دولة فاشلة وليس من مصلحة أحد فى مصر أن نصل إلى هذا الحال، فيجب أن يدرك الرئيس أن تغيير السياسات والتشاور مع القوى والأحزاب فى اختيار أعضاء الحكومة من الخبرات الوطنية بصرف النظر عن انتمائها هو لتفادى هذا المصير، ولتبدأ من الآن إقالة هذه الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات حتى الانتخابات البرلمانية تعمل على خدمة الوطن، وانضباط المؤسسات، والمرافق بمعاير حداثية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصير الدولة الفاشلة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
لاتستبق الاحداث