«تكلم حتى آراك» هى الحكمة البليغة للفيلسوف اليونانى القديم أرسطو وهى العبارة الشهيرة ذات المعنى للتعرف على أفكار الإنسان وآرائه وما يدور فى عقله والموهبة التى يملكها، وليس بشكله أو هيئته أو ما يملكه من مناصب أو ثروات.
فهناك بشر تنسج عنهم روايات البطولة الوهمية وقصص المغامرات الزائفة ويحيط بهم الغموض من كل جانب، ويعتقد الناس أنهم ذوو موهبة وقدرات عقلية فائقة، لكن عندما يتكلمون وتنطلق ألسنتهم تقر بأن الصمت فضيلة كبرى لهم وملاذ آمن للهشاشة الفكرية وضحالة الآراء السياسية.
مساء السبت الماضى تكلم الدكتور عصام الحداد الذى يشغل الآن منصب مساعد رئيس الجمهورية لشؤون العلاقات الخارجية والتعاون الدولى فى حوار شامل مع زميلنا الإعلامى المبدع شريف عامر على قناة «الحياة» الذى حاول بموهبته ومهاراته تعريف جمهور المشاهدين بالدكتور عصام الحداد الرجل الغامض فى مؤسسة الرئاسة ومن قبلها فى جماعة الإخوان المسلمين والذى تدور حول شخصيته علامات استفهام حول طبيعة دوره فى وزارة الخارجية الذى طغى على دور وزير الخارجية نفسه فى التعامل مع ملفات السياسة الخارجية لمصر وتحديدا مع الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والدول العربية، فقد أصبح الحاكم بأمره فى شؤون مصر الدولية والمحرك الأساسى لجميع الفعاليات المصرية على الصعيد الخارجى، وذلك على حساب دور وزارة الخارجية المصرية التى باتت تتلقى الأوامر منه.
فى رأيى أن الحوار مع الدكتور الحداد خريج كلية الطب بجامعة الإسكندرية قسم التحاليل الطبية زاد من حدة الغموض حول شخصيته وطبيعة ومساحة الأدوار الجديدة له، وبدا من الواضح أن الرجل كما هو معروف عنه - لا يحب الإعلام كثيرا، خاصة بالطبع الذى ينتقد ويهاجم جماعته كعادة كل أقرانه فى الإخوان، فجاءت معظم إجاباته عن السياسة الخارجية، متهمة الإعلام بإثارة الفتنة ونشر الأكاذيب بما فيها الإعلام وهو ما آثار مخاوف المحاور من دور آخر خفى للدكتور الحداد فى تشريعات وقوانين جديدة لضبط الممارسات الإعلامية، كما يراها الحداد نفسه بحيث تكون «بناءة» و«مهذبة وبنت حلال» ولا ترى فى سياسات الإخوان أى عيب أو خلل.
هكذا تكلم الدكتور الحداد عضو مكتب الإرشاد ومدير حملة مرسى الانتخابية وواحد من أخطر الرجال حول الرئيس والذى يثق فيه بشكل كبير للغاية ويستمع بإنصات لآرائه الذى سمعها المشاهدون وزادتهم حيرة وخوفا مما هو قادم.