نتحدث كثيرا عن تبوير الأرض الزراعية، والبناء عليها، من دون أن نلتفت للسبب وراء هذا، حال الفلاح الذى يتدهور بسبب الظلم والقهر والجهل والمرض.
أغلب دول العالم تقدم دعماً مباشراً وغير مباشر للفلاح، لأنه أكثر من يعانى من آثار التغيرات العالمية، هو ضحية العولمة، وارتفاعات أسعار أدوات الإنتاج، وهو تحت رحمة التجار أصحاب القرار فى تحديد أسعار الشراء، ونرى دولاً أوروبية أصرت على أن تحتفظ بحق دعم الفلاح، حتى يمكنه الاستمرار فى إنتاج محاصيل معينة، ذات أهمية اقتصادية، حتى لو كانت لا تدر عائداً على الفلاح.
لكن عندنا ونحن مصر البلد الزراعى الذى كانت له شنة ورنة فى الزراعة، كنا أكثر من يعاقب الفلاح على عمله فى الزراعة، وكأننا نريد تدمير الأرض والقضاء على الزراعة قضاءً مبرماً، وخلال ثلاثين عاما تعرض الفلاح لكل أنواع المظالم ويصل الأمر كأنه يعاقب على كونه يتمسك بالزراعة، التى هى أهم وسائل الإنتاج.
الفلاح فى مصر كان محروما من أية حقوق فى التأمين الاجتماعى والصحى بالرغم من أنه أكثر الفئات تعرضا للأمراض من البلهارسيا للكبد الوبائى، والفشل الكلوى والسرطان، بسبب المبيدات المسرطنة والمحرمة التى تعرض لها طوال عقود. الفلاح تعرض للمبيدات المسرطنة، من كل الأنواع والجهات، بل إن المبيدات التى كانت تستوردها وزارة الزراعة فى وقت من الأوقات كانت تقتل الفلاح وتترك الآفات.
الفلاح المصرى كان يواجه طوال الوقت محتكرى الأسمدة والتقاوى، الذين يبيعون له كل شىء بأسعار مضاعفة بعد أن فشلت الحكومة ووزارة الزراعة فى ضمان صناعة الأسمدة وتركتها لمصانع تلوث البيئة وتقتل الفلاحين، وتحتكر الأسعار، وفى المقابل فهو أمام تجار يستغلون حاجته ويفرضون عليه أسعارا متدنية.
كان الفلاح المصرى محروما من أى دعم، يزرع الأرز والقمح، ولا يجد من يشتريه، انخفضت أسعار الأرز إلى الحضيض، مع أن أسعاره فى المحلات كما هى، ندعم منتجى العالم، ونترك فلاح مصر بلا دعم.
وحتى بنك التنمية، الذى كان اسمه بنك التسليف، وأقيم من أجل أن يقدم للفلاحين ما يريدونه بالأجل، وبفوائد بسيطة، تحول إلى «شيلوك» الذى يحصل على لحم الفلاحين رهناً ويطاردهم، بعد أن حول نشاطه من تسليف الفلاحين إلى تجارة السلع المعمرة، ومازال البنك يقدم وعوده للفلاحين فى الانتخابات، أو تستغله الحكومة فى الدعاية.
كان هذا هو حال الفلاح دائما، بالرغم من أنه هو بداية التغيير ونقطة الانطلاق لأى تغيير، لكن وبعد كل هذا العناء، هجر كثير من الفلاحين الأرض، أو توقفوا عن الزراعة، وربما يتركون أرضهم للبوار. ويسمحون بالبناء عليها، وترتفع أسعار السلع، وكل يوم نواجه أزمة، نستورد قمحاً فاسداً من روسيا وأوكرانيا، ونرفض تدعيم الفلاح المصرى الذى يزرع القمح أو نشترى منه إنتاجه بسعر عادل.. يقف الفلاح وحيداً فى مواجهة الحكومة والسماسرة والبنك يتيماً على مائدة اللئام.. وأى تغيير يبدأ من الفلاح الذى يبدأ منه العدل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
كالعاده - يفرحوا بال 50% اولا ثم يلطموا بعد الانتخابات
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
طارف الديب
و ماذا عن الفلاح فى الدستور الجديد ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
بدون تشريعات حاكمه ورقابه صارمه من الدوله تصبح الصكوك ذات مخاطر مدمره للدوله وللشعب
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الثوره المصريه ظلمت كثيرا ولابد من انصافها واعادة بريقها وتوهجها
بدون