غداً يمر عامان على ثورة 25 يناير، والمناسبة تأتى والأجواء السياسية مشحونة ومعبأة بأقصى درجات الانقسام والخلاف والاستقطاب السياسى، والحالة الاقتصادية والاجتماعية فى مصر متردية وبائسة، تنذر بما هو أسوأ.. مقبل مع استمرار الأداء السيئ العشوائى والمرتبك والضعيف للحكومة والرئاسة.
وسط هذه الصورة القاتمة والتى يبدو ألا مخرج منها فى القريب العاجل، يطرح السؤال نفسه، هل المناسبة التى يتهيأ ويحشد الجميع لها، كل حسب موقعه فى الخريطة السياسية والاجتماعية الحالية، هى مناسبة للاحتفال بالذكرى، أم هى دعوة لاستكمال أهداف الثورة، أم هى «ثورة ثانية»؟
ليست هناك إجابة واحدة للسؤال حسبما نراه الآن من تباين وتناقض واضح فى المواقف بين القوى السياسية والثورية، وحركات الاحتجاج الاجتماعى من جانب، وبين جماعات تيار الإسلام السياسى بأطيافها المختلفة، واستخدام خطاب التهديد والتحذير من كل جانب، وبينهما تقف الغالبية المأزومة والمطحونة والغارقة فى أتون الأزمة الاقتصادية المستحكمة، حائرة وغاضبة ومحبطة من تزايد ضغوط هموم الحياة المعيشية عليها بعد ثورة، ظنت أنها جاءت من أجلها، وتراقب ما سوف يسفر عنه هذا التطاحن السياسى بين الفريقين.
أنصار التيار الإسلامى يرون فى المناسبة ذكرى للاحتفال بالثورة التى جاءت بأول «رئيس منتخب من الأهل والعشيرة»، عبر صناديق الانتخاب، وأتاحت لهم الفرصة للظهور السياسى القوى بشكل مفاجئ، دون خبرة أو استعداد، وأتاحت لهم القفز على السلطة بعد سنوات من الغياب والمطاردة والملاحقة، وأصبحوا غير مستعدين للتنازل عنها ولو بالدم حسب تصريحاتهم المعلنة.
القوى السياسية والثورية التى لها الإسهام الأول والأكبر فى تغيير النظام السابق ترى أن ماقامت من أجله الثورة بشعاراتها التى ظلت ترددها منذ 25 يناير وحتى 11 فبراير «عيش حرية عدالة اجتماعية»، لم يتحقق منها شىء على الإطلاق، حتى بعد «الرئيس المنتخب» وجماعته وعشيرته التى استحوذت على السلطة.. ولذلك تدعو للثورة الثانية، فلا تحسن فى مستوى المعيشة ،بل ازدادت الأوضاع سوءا مقارنة بما قبل الثورة.. مع انهيار الوضع الاقتصادى، ولجوء النظام الحالى إلى المنح والقروض وغياب الرؤية والبرنامج الاقتصادى الذى يحقق الهدف الأول من أهداف الثورة، والحرية مهددة بالتراجع بشكل خطير على جميع المستويات، والسلطة الجديدة لها مواقفها غير الإيجابية من حرية الإعلام والرأى والإبداع التى تحاربه بالدعاوى القضائية للتضييق عليه أو احتوائه.
والعدالة الاجتماعية غير واردة فى فكر ورؤية النظام «المنتخب»، وليس لديه برنامج واضح ومحدد لتطبيقه على أرض الواقع.
نعود بعد ذلك لنطرح السؤال: هل 25 يناير مناسبة للاحتفال بالذكرى، أم هى ثورة ثانية؟، الأيام القليلة القادمة جديرة بالرد على السؤال بالتأكيد.