ثورة 25 يناير لم تبح بأسرارها بعد، ومازال هناك الكثير من الأسرار لم تتكشف، وتلقى بكل الحقائق وتزيل ركام الغموض الكثيف حول ما جرى داخل كل الغرف المغلقة داخل حدود مصر وخارجها. ما يذاع حاليا من هنا أو هناك من معلومات وشهادات من شهود عيان أو مسؤولين ظلوا حتى اللحظة الأخيرة من تنحى الرئيس السابق على إطلاع بما يدور لا يعطينا الصورة والحقيقة الكاملة عن طبيعة الدور الحقيقى والخفى أحيانا للقوى الفاعلة فى الحدث الذى مر عليه عامان ومازال مستمرا فى فورانه وغضبه وفى طريق استمراره يلقى ببعض الأسرار عن نوايا ومخططات ومؤامرات وصفقات أشخاص وجماعات طوال الـ18 يوما الأولى للثورة وما بعدها. الكثير من الأسرار سيبقى حبيس الصندوق الأسود لأن جزءا أصيلا من المشاركين فيها وصلوا للسلطة والجزء الآخر دخل إلى غرفة الصمت الإجبارى حتى إشعار آخر. الإخوان فى السلطة الآن، والأسرار حول دورهم فى الثورة ومسؤوليتهم عن بعض الأحداث فيها لا يتم الكشف عنه لسنوات قد تطول أو قد تطوى سريعا، والمجلس العسكرى بقياداته بعد «الخروج الآمن» والغامض من السلطة يؤثر الصمت ويكتفى من الكلام بالدفاع والإشادة بدوره فى حماية الثورة والانحياز إلى مطالب الشعب وثورته ودعمها رسميا منذ اللحظة الأولى وقبل تنحى مبارك، وهذا إن كان صحيحا وحقيقيا وصادقا فإنه لا يكفى تماما لإزاحة اللثام عن المزيد من الأسرار والحقائق وفك طلاسم وألغاز كثيرة لم يتم الحديث عنها والتحقيق فيها.
الأسرار كثيرة والأسئلة مازالت تبحث عن إجابات شافية. حرق أقسام الشرطة والهجوم على السجون فى توقيت متزامن يوم 28 يناير وتهريب قيادات الإخوان وحماس مازال غامضا ومريبا، تفويض مبارك للجيش بإدارة شؤون البلاد، وحصوله على طمأنات بالبقاء فى مصر وعدم هروبه مثلما فعل الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على -مثلما أشار أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الأسبق- مازال غامضا، وغموض «موقعة الجمل»، وانسحاب الإخوان المفاجئ من الميدان إلى القصر مباشرة بعد التنحى، ومحاولة اغتيال عمر سليمان ثم موته المفاجئ، الانتخابات الرئاسية وما حدث فى الجولة الثانية، الدور الأمريكى ولقاءات المسؤولين الأمريكان مع قيادات الإخوان أثناء الثورة وبعدها.
أظن أن الوقت لم يحن بعد للكشف عن أسرار وتفاصيل كثيرة فى ثورة يناير، والكشف عنها سيفضح «الخونة» و«المتورطين» و«المتآمرين بالصمت وبالفعل» عليها، وقد يكون ذلك قريبا.