من يقتحم سجنا أو قسم شرطة ليقوم بتهريب متهمين أو سرقة سلاح، لا يمكن أن يكون ثائرا ومن يهاجم منشأة عامة ليسرقها أو يحرقها لا يمكن أن يكون إلا بلطجيا وإذا تم إطلاق النار عليه وقتله لمنعه من ارتكاب جريمته لا يمكن أن يكون شهيدا، أظن أن الكثيرين لن يختلفوا على ذلك وأن أى إنسان يحب هذا البلد ولا يرضى بأن يقع فى دوامة الفوضى سيرى ذلك حقا لا يجب أن نحيد عنه وإلا ضاعت مصر فى هذه المرحلة الحرجة، ولا ينكر ذلك أو يرفضه إلا من كانت على رأسه بطحة، وللأسف فإن النظام والمعارضة الحالية يعانيان من هذه البطحة.
فالرئيس مرسى وجماعته وحكومته وهو الطرف الذى يمثل السلطة الحالية لن يكون مقنعا إذا أعلن أنه ضد الفوضى وأنه يدافع عن مؤسسات الدولة ويحميها لأنه سمح بتهديد مدينة الإنتاج الإعلامى وحصارها وترك أهله وعشيرته يحاولون فض اعتصام الاتحادية زاعمين أنهم يحاولون حماية الرئيس وكأنه رئيسهم وحدهم وكأنهم يحلون محل مؤسسات الدولة المسئولة عن حفظ الأمن وحماية الرئيس وهو ما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء، ولن نصدقه إذا قال إنه يسعى لتطبيق القانون ويحمى أحكام القضاء واذا وقف فى خطابه يشير لنا بإصبعه ويقول بقوة "أحكام القضاء واجبة النفاذ "لأنه سبق وأطاح بأحكام القضاء ومؤسساته وسمح بمحاصرة أنصاره للمحكمة الدستورية العليا، فكيف يدين محاصرة سجن أو قسم شرطة أو غيرها من مؤسسات الدولة؟، الرئيس ونظامه على رؤوسهم بطحات تجعل أياديهم مرتعشة ومهزوزة وقراراتهم غير مقنعة وغير حاسمة.
أما النخبة المعارضة وقياداتها فلا تخلو رؤوسهم أيضا من بطحات تتمثل فى الغرض، والغرض مرض، فهؤلاء الذين يسعون إلى إسقاط النظام أو على الأقل إضعافه حتى وان كان ذلك على حساب مصلحة الوطن ويحلم بعضهم بالوصول للحكم أيا كان الثمن لا يخجلون من الدفاع عمن يسعون لنشر الفوضى، بل ويصفونهم أحيانا بأنهم ثوار وشهداء فى إهانة بالغة للثورة والثوار والشهداء الحقيقيون ، ويمتنعون عن إدانة أعمال الشغب حتى وإن وصلت إلى أعمال بلطجة منظمة تهدد أمن الوطن ، هؤلاء لا يهمهم أن تحترق مصر إذا كان المقابل اسقاط النظام، يريدون تصفية حساباتهم مع جماعة الإخوان وليس مهما أن تدفع مصر وشعبها جزءا من هذه الفاتورة.
للأسف ابتليت مصر فى هذه المرحلة الحرجة بنظام ومعارضة على رؤوسهم بطحات كثيرة، وجوه احتلت الشاشات والاستوديوهات، غربان تنعق فى الأحداث المؤسفة وثعالب ترقص على جثث الضحايا، لا يهمهم مصلحة مصر وشعبها والا كانوا انتفضوا جميعا وجمعهم حب هذا الوطن وهم يرونه يتمزق بين أغراضهم وأمراضهم، فالبلد تحترق والقتلى يتساقطون "والبهاوات لسه بيتعازموا على الحوار" على الكلام الذى لا يثمن ولا يغن من جوع، إن كانت كل هذه الاحداث وهذه الدماء التى سالت لم تحرككم ولم تزعجكم ولم تجمعكم فلا نريد أن نسمع أصواتكم، اغربوا عنا بوجوهكم وبطحاتكم التى استعصت على العلاج أو عالجوها وكونوا صادقين قبل فوات الأوان.