فى عهد الرئيس السادات، وفى ذروة تصاعد المعارضة طرح الدكتور محمد حلمى مراد سؤالا «ماهو الوضع الدستورى لزوجة الرئيس»، وكان الدكتور حلمى مراد من معتقلى حملة سبتمبر، وفى عهد حسنى مبارك طرحت المعارضة منذ عام 2001 أسئلة عن الوضع الدستورى أو القانونى أو الرسمى لجمال مبارك، وسوزان ثابت، والكثير من الأسئلة عن الخلط بين المواقع والمناصب والسلطات.
كانت بدايات الالتباس أن كبار رجال مبارك كانوا يشغلون مواقع، يجمعون فيها بين التشريعى والتنفيذى وأحيانا القضائى، فى خلط واضح بين السلطات، مما خلق تداخلا وتعارضا للمصالح.
كان السيد كمال الشاذلى، أمينا لتنظيم الحزب الوطنى، وزعيما للأغلبية فى مجلس الشعب، ووزيرا لمجلسى الشعب والشورى، وعضوا فى لجنة شؤون الأحزاب التى كانت ذات اختصاصات سياسية وقضائية، وبعده كان أحمد عز يرأس لجنة الخطة والموازنة فى مجلس الشعب، التى كانت تناقش التشريعات والقوانين، وفى نفس الوقت، كانت له مصانع ومصالح فى صناعة الحديد، وتدخل عز لإعادة صياغة قانون منع الاحتكار وانتزع منه فاعليته، وفى الوقت نفسه كان زعيما لأغلبية الحزب الوطنى.
يومها قلنا إن القط يمسك بمفتاح الكرار، ورأينا وزراء يتاجرون مع الحكومة، ورجال أعمال يشغلون مناصب وزارية، ناهيك عن المناصب الحزبية، وبالتالى كان الحزب مفتوحا على الحكومة، والمجلس التشريعى مفتوحا على السلطة التنفيذية.
وفى الوقت نفسه كان هناك عدد من الشخصيات تدور على عضوية ورئاسة المجالس العليا، واللجان المتخصصة، وهو ماجعل المناصب والمواقع تتداخل وتتقاطع، والمصالح تختلط، لا حواجز بين مصلحة عامة وخاصة.
كان الرد دائما أنهم لايجدون من يشغل المناصب، بينما كانت مصر تزدحم بالخبرات، والكفاءات يتم استبعادها، وإجهاض مبدأى تكافؤ الفرص والمنافسة، أهم مبادئ النظم الحرة والديمقراطية، المنافسة تعطى حق الاختيار بين الأكثر جودة، ولامنافسة من دون تكافؤ للفرص.
نقول هذا لأن الخلط والتداخل بين السلطات والمصالح، كان بداية بناء مؤسسات للفساد، ووضع أهل الثقة محل أهل الخبرة، بما يقود إلى تراجع القدرات العامة للدولة والمسؤولين، وتجريف الكفاءات.
كان هذا أحد عناصر الفساد والترهل والتفسخ، فى عهد مبارك، فهل يمكن القول بأن هذا الخلط بين السلطات انتهى؟.
مازلنا نرى الخلط بين الرئاسة والجماعة وحزب الحرية والعدالة، ونرى تعدد المناصب، حيث تولى المستشار الغريانى رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، ثم رئاسة الجمعية التأسيسية، والمجلس الأعلى لحقوق الإنسان. ولانزال نرى تداخلا وغموضا فى دور رجال الأعمال، السياسى والمالى. وتولى أهل الثقة مناصب تشريعية وتنفيذية، من دون موهبة غير القرابة والقرب من النظام.
وبالتالى من الصعب تصور إمكانية بناء نظام ديمقراطى، من دون الإجابة عن الأسئلة المطروحة، وإعادة بناء قواعد تكافؤ الفرص، وتقديم الكفاءة على الثقة، حتى يمكن القضاء على عيوب النظام المتسلط الذى كان يورث الفساد ويفتح أبواب الخلط والتجريف.