لا شك أن المناخ السياسى فى مصر ملوث بكل الآفات الأخلاقية والنفسية، ممارسات السياسة فى مصر لا تساعد على البناء فهى تعنى بالهدم والتشويه والتنافس غير الشريف سواء على مستوى الأفراد أو الكيانات السياسية المختلفة وكذلك داخل كل كيان بنفسه.
نجاح أى شخص فى مصر لا يواجهه تشجيع من حوله، بل محاولات للهدم والاغتيال المعنوى، وبعضهم يرى أن هدم الناجح أسهل من بناء نفسه، لا يحاول بعضهم أن يتعلم ممن سبقه ليلحق به بل يبادر لوضع الأحجار فى طريقه.
يعتقد بعضهم أن التعلم والصبر على عناء العلم هو أمر مهين له، لذا فهو غير شغوف بالتلقى واكتساب معارف ومهارات جديدة، لذلك ينعكس فراغه على أدائه ذى الصوت العالى الأجوف، لأنه بلا مضمون وثقل نفسى أو معرفى، ويكابر معتقدا أنه صاحب أفضل عقل وهو مسكين فارغ غلبته الخفة وملأه الجهل.
تمتلئ السياسة بهؤلاء المدعين والأفاقين الذين لا يجدون سوى الصراخ وافتعال المشاكل والأحداث ليكون لهم مكان، لأنهم إذا جد الأمر ووصل للتضحية أو الاحتياج لصاحب المعرفة يختفون مثل الكائنات الطفيلية التى يموت عائلها.
اختراع الفزاعات من آفات السياسة فى مصر، فكل تيار يبحث عن فزاعة ولو وهمية ليحشد أتباعه ضد التيار الآخر، ومن يبحث فى حقائق الأمور يكتشف زيف هذه الفزاعات المتبادلة، القوى السياسية لا تختلف على قضايا تهم عموم المصريين، بل على قضايا تخص هذه النخب البائسة ويشعر معها المواطن البسيط الذى يراقب هذه المعارك الطاحنة بينهم وكأنه مواطن فى دولة أخرى لا يعرفها هولاء.
بعض دهاقنة السياسة فى مصر من مدمنى الفشل لا يدركون أن لكل وقت رجاله، وأن من الأكرم لمن انتهى دورهم أن يركنوا للراحة وأن يتوقفوا عن تشويه المشهد وإفساده بأمراضهم النفسية وإعاقاتهم العقلية التى تراها فى ممارساتهم السياسية، فيبدون مثل الطفل الذى لا يجيد لعب الكرة ويصمم على دخول الملعب فيصبح للأسف عبئا على أى فريق يبتلى به.
بعض القوى السياسية فى مصر تجيد تسجيل الأهداف فى نفسها، والبعض الآخر يرد عليهم بأهداف مضاعفة فى نفسه أيضا، ولو كان الرئيس السادات حيا بين أظهرنا لنظر إليهم بسخرية قائلا: ما أغباكم سأحاكمكم بتهمة الغباء السياسى.
التخوين والاتهام بالعمالة من التهم المعلبة فى مصر والمتداولة بشدة لدرجة الملل، أما الاتهام بتلقى الأموال من الخارج فهو صناعة مصرية بامتياز، والغريب فيه أنه لا يصدر إلا ممن يتلقون أموالا بالفعل لينطبق عليهم المثل الشهير «اللى على راسه بطحة». بعضهم يمارس السياسة فى مصر للاسترزاق وكل من يمارس السياسة والعمل العام بشرف يدفع من جيبه وليس العكس، أما هؤلاء فهم فاشلون حياتيا بلا مهنة ولا عمل ولا رغبة فى العمل، لذا تمتلئ بهم أزقة السياسة وحواريها يقلبون عيشهم ويرتدون ثوب النضال طمعا فى جنيهات يحصلون عليها من هنا أو هناك تحت دعوى ممارسة السياسة.
الراقصون هم نوع من السياسيين فى مصر الذين يدورون مع أضواء الكاميرات فأينما حلت تجدهم، لا يهم مكانهم أو المعسكر الذى يكونون فيه طالما أنهم سيبقون أمام الكاميرات وسيلقون للجماهير التحية. أسوأ من هؤلاء المتسلقين الذين يبيعون أنفسهم لمن يدفع أكثر، فيبررون الأخطاء ويرتضون لعب دور المحلل من أجل العطايا والهبات التى تلقى إليهم عقب انتهاء فقرتهم، تستطيع اكتشاف هؤلاء بسهولة عبر مقارنة مواقفهم السياسية التى لا تعرف خطا واحدا متسقا، بل يقولون الشىء ونقيضه ماداموا سيجنون المكسب.
مستنقع السياسة فى مصر لا نهاية له، مع بدء عام جديد نتمنى أن تطهر السياسة نفسها من كل هؤلاء ومن هذه الممارسات لنعرف الطريق للبناء ونهضة الوطن الحقيقية التى ينتظرها شعب مصر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد العظيم
اللعبة السياسية
عدد الردود 0
بواسطة:
أ.د. محبات ابوعميرة العميد السابق لكلية البنات جامعة عين شمس
l
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس احمد
فينك من زمان يا دكتور