د. رضا عبد السلام

من المسئول عن حمامات الدماء التى تغرق شوارعنا؟!

الأربعاء، 30 يناير 2013 11:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سبق أن كتبت منذ أكثر من أربعة أشهر مقالاً على صفحات هذه الجريدة قدرت فيه شخص الدكتور قنديل، ولكنى أكدت على أن تقديرنا لشخصه شىء وتقييمنا لأدائه الحكومى شىء آخر، لقد طالبت آنذاك بأن يتم الشروع فوراً بإحداث تغيير جذرى على الحكومة لتكون فى مستوى الأحداث التى تعيشها مصر، والحقيقة أننى لم أكن الوحيد الذى أبدى هذا المطلب، لكن يبدو أن من بيده القرار ودن من طين وأخرى من عجين تماما كما كان يفعل السلف الطالح!!.

توقعنا أثناء التغيير الوزارى الأخير أن يطرح رئيس الجمهورية اسماً آخر يتمتع بقوة وتكوين علمى يتوافق مع متطلبات المرحلة، فمصر تغرق فى أزمة اقتصادية وغياب لدولة القانون وافتقاد تام للرؤية، ولهذا كان التغيير الوزارى دون مستوى الطموحات.
إن الأحداث التى شهدتها مصر منذ احتفالات 25 يناير 2013 وحتى هذه اللحظة تؤكد بجلاء على تحدى من بيده السلطة لطموحات مصر أو عدم إدراكه لواقع مشكلات مصر.

يا حضرات، كان على الحكومة الموقرة أن تتوقع أمرين:
الأمر الأول: كان عليها- فى ظل حالة الاحتقان السياسى الحالى- أن تتوقع حدوث مشاحنات وربما اعتداءات واندساسا لبعض المخربين وسط المتظاهرين الشرفاء، أين خبراء مصر الاستراتيجيين فى الحكومة؟!، مؤكد أنه لو كانت لدينا حكومة مؤهلة وعصرية لأعدت عدتها وتمكنت من تخفيف وطأة الحدث، ولتمكنت من إبعاد المندسين أو تخفيف أثرهم، ولكنها كحكومة تظهر دائما بعد وقوع الكارثة وما أكثر كوارثنا، تماما مثلما كان عليه الحال فى حكومات العهد البائد.

الأمر الثانى: وهو أحداث بور سعيد؛ لو سألت طفلا يحبو فى الشارع عن توقعاته بشأن ردة فعل الناس بعد حكم مذبحة بورسعيد، سيقول لك إن الطرف الذى لن يعجبه الحكم سيشعل البلاد!!، ألم تتوقع حكومة قنديل هذا؟ مؤكد أنه لو كان لدى الحكومة رؤية وإدراك وتحليل للأحداث لأعدت عدتها ولهيأت المناخ لاستقبال الحكم، لنا أن نتخيل أن الحكومة- من خلال وزارة الداخلية ورئيس الحكومة والمحافظين- قد جهزت الناس نفسيا لاستقبال الحكم، وعرفتهم أن الحكم يقبل الطعن، وأنها ليست نهاية المطاف، لكنا قد حقنا دماء العشرات التى سالت فى شوارعنا وبأيدينا!!.

تركت الحكومة الشارع نهباً لحفنة من المحامين الذين تاجروا بأرواح الأبرياء، ففى بورسعيد، حيث أظهر المحامون للأهالى-ليثبتوا أنهم محامون أكفاء- أن تقرير الطب الشرعى يبرئ أبناءهم، وبالتالى يفهم من هذا أنه لو صدر حكم على أبنائهم فهو حكم مسيس!!! لتحترق بورسعيد على رءوس أبنائها، ولتدب الفرقة بين أبناء مصر قاطبة، أهؤلاء قلوبهم على مصر؟!.

الحقيقة المؤكدة، أننى ورغم لومى الكامل لبعض القوى السياسية، التى ركبت على الثورة هى الأخرى وامتهنت التجارة بها، هى أن الدولة غائبة وهيبتها باتت معدومة، ولو كانت هناك دولة واحترام للقانون لما حدث ما شهدناه خلال الأيام الماضية، فالمركب عليه أكثر من قائد، بل أصبحنا غير قادرين على تحديد الربان الحقيقى للمركب، ولهذا سقط الجميع من أعين الناس فحدث ما حدث.

السؤال هنا: هل ما تشهده البلاد من فوضى أمر مقصود؟ هل مقصود إشعال الشارع لإلصاق التهمة بفصيل سياسى معين من أجل تسجيل أهداف سياسية وانتخابية، البعض يقول إن ما نشهده أمر مقصود، حتى تظهر النخبة المعارضة، وتحديدا جبهة الإنقاذ، بأنها نخبة خراب ودمار، وبالتالى يعوض التيار الدينى خسائره التى سجلها خلال الأشهر الماضية؟!!.

الحقيقة أننا مللنا هذا الواقع المرير، ولهذا أتمنى أن تثمر اجتماعات الحوار التى دعا إليها رئيس الجمهورية عن مخرج حقيقى لأزمة مصر، أتمنى من كل طرف أن يضع مصر "حاضرها ومستقبلها" نصب عينيه، أتمنى من كل طرف أن يتخلى عن طموحاته وأطماعه السياسية والانتخابية إذا أراد لهذا الحوار أن يثمر أو أن ينجح، على كل طرف أن يكون على استعداد لتقديم تنازلات من أجل مصر، على الجميع أن يدرك أن شعب مصر كفر بالثورة وكفر بالجميع، فهل يخرج المجتمعون بقرارات تعيد الأمل لهذا الشعب وهذا البلد البائس؟!.


* أستاذ بحقوق المنصورة








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة