كنا فى عهد مبارك نكره سلطته المطلقة، أما فى عهد الدكتور محمد مرسى فإننا نكره سلطته المطلقة، ومعه أيضاً سلطة مكتب الإرشاد المطلقة، وما بين السلطتين تتغير خريطة مصر. والمشكلة كانت دائما أن سلطة هى حلم المغامرين، وأمل المقهورين بالسلطات! فمن سلطة الأب إلى سلطه المجتمع إلى أن تعددت السلطات، والقهر واحد.. لكن المشكلة فى عوالمنا العربية أنه من كان مقهورا بالأمس صار قاهرا اليوم.
وإذا كان الدكتور مرسى وجماعته لا يعرفون أصول الحكم، أتمنى أن يقرأوا هذه السطور للمستشار العلامة طارق البشرى لعلهم يعرفون كيف يحكمون.
يقول البشرى: «من معالم الاستبداد أن تنتقل الدولة من كونها تعبيرا عن جماعة وأداة للحكم بين الناس إلى التمركز حول شخص الحاكم، والتعبير عن مصالح نخبة ضيقة من بطانته، دونما اعتبار للناس ومصالح المواطنين، فلا يبقى ثمة وجود لقوى سياسية اجتماعية تتجاوز إرادة الدولة وهيمنتها. وتعنى شخصنة الدولة أن النظام السياسى والاقتصادى والبيروقراطى بمؤسساته يتحول من نظام قانونى يناط به الفصل بين الناس بالعدل، وإدارة دولاب الحكم، إلى الاندماج فى المؤسسات القائمة على التنفيذ المحض لإرادة الحاكم المستبد، وخاضعة للإرادة الشخصية المتوحدة المتسيدة على قمة هرم الدولة، وتسود فى هذا النظام التفسيرات والاجتهادات التى تدعم الوضع القائم، وتفرغ الدلالات القانونية المرتبطة بعمومية القاعدة القانونية وتجريدها، فتفرغ القانون من هذا المحتوى الموضوعى ليصير ذا مؤدى شخصى ومشخصن لصالح أفراد وأناس بعينهم ذوى علاقات شخصية برأس الدولة ومن يحيطون به».
هذا جزء بسيط من إحدى تنظيرات المستشار طارق البشرى الذى كنت أتمنى أن يتفرغ الدكتور مرسى ولو قليلا قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية لقراءة ما كتبه البشرى، لعله يتعلم كيف يحكم البلاد بشكل غير مطلق، حتى لا يرتكب أخطاء مطلقة، وهو ما حدث فى فرض الطوارئ، وحظر التجول فى محافظات القناة، بورسعيد والسويس والإسماعيلية، وهو القرار غير المدروس الذى اتخذ بشكل فردى بعد مشاورات مع جماعته فقط، وهى التى تحكم، والنتيجة هى مزيد من التمرد على سلطة مرسى فى مدن القناة التى تحدت كل قراراته، فأصبح حظر التجول فسحة لأبناء القناة، والطوارئ تحولت إلى ثورة على مرسى وجماعته، ليتأكد هذا الرئيس أنه فشل فى قضية مدن القناة ليفقد رصيدا جديدا بسبب سلطته وسلطة جماعته المطلقة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حازم
كان ممكن اصدقك