أعرف أن بعضا من كلمات السطور التالية ربما تكون قد صادفت لقاء عينيك فى ذات مرة، ولكنّ مرورا آخر عليها أصبح ضروريا بعد أن زادت لعبة البلاغات والتهديدات التى توجهها مؤسسة الرئاسة وأنصارها إلى صدر الكتاب والصحفيين بتهمة إهانة الرئيس، وزيادة عدد بلاغات الرئاسة وشكاوى الإخوان جعل الأمر يبدو كأن على رأس المتضرر «بطحة» يخشى من أن تكشفها مقالة، أو موضوع صحفى، أو مداخلة هاتفية فى برنامج توك شو. وتلك دلائل على هشاشة وضعف، من المفترض ألا توجد فى رئيس مصر ولا جماعته الحاكمة، لأن المنطق يقول إن القوى لا يخاف النقد، والسائر فى درب الحق لا يشكو من إبداء الملاحظات، حتى لو تحول بعضها إلى سهام تجرح وتصيب.
وبهذه المناسبة.. مناسبة البلاغات الرئاسية المتكررة التى ترفع شعار عدم إهانة الرئيس، سأقول لك ما يخشى أو ما يخجل البعض من قوله هذه الأيام.
الصحافة هى الصحافة، وستظل هى الصحافة، ولن نخترع صحافة جديدة حتى ترضى عنا قيادات الحرية والعدالة، أو عناصر اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان المسلمين. الصحافة ستظل كما هى بعضها مثير وبعضها ثائر، بعضها يعانى من «الميوعة»، ويدعى أن ذلك حياد، وأخرى تشهر مواقفها كما يشهر الفرسان سيوفهم فى أرض المعارك، بعضها خاضع وراكع أمام أهواء الملاك والإعلانات، وبعضها قادر على صناعة توازن ما بين المال وحق القارئ فى المعرفة السليمة، بعضها يصدر كأنه نشرة داخلية لحزب أو لجماعة لا ترى ولا تنشر إلا ما يرضى قياداتها، وبعضها متحرر من القيود الحزبية والتنظيمية.
للأسف وبعيدا عن يوتوبيا أفلاطون التى يوهم بها السياسيون فقراء القوم عبر تصريحاتهم فقط، يبقى السابق من الكلام هو السائد فى العالم كله، ومع ذلك لم نسمع يوما عن حبس صحفى أو كاتب فى دولة محترمة، كما لم نسمع عن دولة محترمة تقوم فيها مؤسسة الرئاسة بتقديم بلاغات فى الصحفيين والكتاب بشكل دورى ومتكرر، أو تقوم بتحريض أنصارها على اتباع هذا النهج مع كل صحفى يتجرأ وينقد أو يهاجم الرئيس.
يقول الإخوان: هل الصحفيون على رأسهم ريشة لكى ينشروا الأخبار الكاذبة والشائعات ولا يتعرضوا للسجن؟، ونقول نحن: لا يا سيدى، الصحفيون لا على رأسهم ريشة، ولا أحد فى وطن ديمقراطى يجب أن تكون على رأسه ريشة، حتى لو كان الرئيس نفسه، ولكن قبل أن تحاسب الصحفى على نشره معلومة خاطئة، وتفتش فى نواياه وضميره لإثبات أن غرضا ما أو رغبة ابتزازية تقف خلف نشرها، أخبرنا أولا كيف يحاسب الصحفى مؤسسة الرئاسة، أو أيًا من مؤسسات الدولة، حينما يطرح عليهم الأسئلة والاستفسارات أو يطلب معلومات فلا يأتيه رد، وأحيانا يغلقون الأبواب فى وجهه؟
قبل أن تفتشوا فى ضمائر الصحفيين والإعلاميين التى يحتاج الكثير منها بالمناسبة إلى تطهير وإيقاظ، أخبروا الصحفيين ماذا يفعلون حينما يطلبون معلومات عما يحدث فى سيناء، أو عن الوضع الاقتصادى، أو عن صناع القرار الحقيقيين فى قصر الرئاسة فلا تجيبهم الدولة المصرية، بينما تمنحهم مؤسسات تل أبيب، والمنظمات الدولية الوافر من المعلومات التى لا يعلم سوى الله مقدار صحتها.
أنا لا أبرر لأهل الإعلام أخطاءهم، أنا فقط أبحث عن ميزان عادل للتقييم، بدلا من التقييم الظالم الذى يضع كتابا وصحفيين فى السجن بتهمة إهانة الرئيس والتحريض والسب والقذف، بينما يجعل من مهدى عاكف الذى سب مصر والمصريين بطلا وشيخا، ومن عبدالله بدر وصفوت حجازى وحازم أبوإسماعيل الذين لا يكفون من التقول وإطلاق السباب على المعارضين أسودا لحماية الإسلام والشرعية، أنا فقط أبحث عن إعادة تعريف لمصطلح إهانة الرئيس الذى ينتمى لفئة المصطلحات المطاطة التى يحركها الحكام لخدمة مصالحهم وحماية سلطانهم.
من المؤكد أن محمد مرسى يعلم تماما أن أعرابيا جاء للرسول عليه الصلاة والسلام وقال له: أعطنى يا محمد، فهو ليس مالك ولا مال أبيك! وكررها الأعرابى ثلاث مرات فزاده الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: أرضيت يا أعرابى؟ فقال الأعرابى: أشهد أن هذه أخلاق الأنبياء. ومن المؤكد أن مرسى يعلم أيضا أن أهل الطائف استقبلوا النبى الكريم بالحجارة حتى دميت قدماه الشريفتان، ولم يقصف رقبة أحدهم، أو يسجن الأعرابى أو يمنعه العطاء.. فهل يقبل مرسى أن أجذبه من بدلته، أو يقبل من أهل قرية منع عنها الماء أو الكهرباء القذف بالحجارة، أم سيرى فى ذلك إهانة لمقامه الرفيع؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه مغتربه
اين هم من الاسلام او من سماحت رسولنا وطيب لسانه
عدد الردود 0
بواسطة:
زياد عبد الرحمن
اعتب عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صبحى ابوستيت
انت لا ترى بعينك او تسمع بأذنينك
ربنا يشفيلك ابنك , اتق الله , اتق الله
عدد الردود 0
بواسطة:
عربي
اقول لهذا الكاتب وهل كنت في عهد مبارك لتملك الشجاعة لتنتقده؟
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
للتعليق 4
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد
جيئت لإتمم مكارم اللأخلاق
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
الي الكاتب ومؤيديه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه مغتربه
الى تعليق رقم7