الأزمة التى تمر بها العلاقات بين مصر والإمارات سابقة على اعتقال السلطات الإماراتية لعدد من المصريين العاملين هناك بتهمة الانتماء إلى تنظيم الإخوان المحظور، وبدأت منذ وصول الإخوان إلى السلطة فى مصر وغموض السياسة الخارجية الرسمية للدولة وتداخلها مع مصالح وارتباطات جماعة الإخوان المسلمين فى الخارج، وظهور ما يسمى مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية على حساب منصب وزير الخارجية وهو الواجهة الرسمية للدولة فى العلاقات بين الدول والمعبر بوضوح عن السياسة الخارجية لها، وهو ما أثار لدى بعض الدول العربية الشكوك فى نوايا الإخوان وعدم الفصل بين ثوابت الدولة ومصالح الجماعة وتنظيمها الدولى.
الإمارات تحديدا لديها هواجس ومخاوف من الإخوان مبعثها تجربة سيئة للغاية مع الجماعة منذ الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات عندما استقبلت أفرادها والمنتمين لها فوق أراضيها والتحق الآلاف منهم فى وظائف ووزارات حيوية ومهمة بالدولة وبحرية كاملة دون ملاحقة من السلطات الأمنية فى الإمارات، وتسبب ذلك فى توتر سياسى بين مصر والإمارات رغم خصوصية العلاقات بين الجانبين واتهام مصر للجماعة بتمويل عمليات إرهابية فى الداخل، ولم تستمر الأزمة طويلا فقد اتخذت السلطات فى الإمارات إجراءات صارمة لتصفية التنظيم سواء فى الوزارات الحيوية مثل التربية والتعليم والأوقاف أو فى جمعيات العمل الأهلى مثل جمعية الدعوة والإصلاح هناك التى يعرفها الإخوان جيدا. الشاهد أنه بعد ثورة 25 يناير رصدت السلطات الإماراتية تحركات من عدد من المواطنين المنتمين لجماعة الإخوان واستقواءهم بظهور حركات الإسلام السياسى فى المشهد السياسى المصرى، خاصة تنظيم الإخوان وبدأوا فى التعبير بجرأة عن أنفسهم والتواصل بالشيخ يوسف القرضاوى، بل واتهام الفريق ضاحى خلفان قائد شرطة دبى المرشد العام الدكتور محمد بديع بعقد اجتماعات مع إخوان الإمارات وتحريضهم على السلطة الحاكمة فى الدولة، ومن هنا بدأت الحرب الكلامية بين الجانبين التى قادها الفريق ضاحى نفسه وبين قيادات الإخوان فى مصر وصولا إلى حملة الاعتقالات الأخيرة والتى لا تخلو من أبعادها السياسية.
الأزمة الحقيقية ليست بين الإمارات والدولة المصرية التى تربطها بها علاقات شديدة الخصوصية تترجمها المواقف التاريخية للشيخ زايد مع مصر ولحجم الاستثمارات الإماراتية فى مصر والسياحة القادمة سنويا منها، والعمالة المصرية هناك وتحويلاتها. الأزمة مع الإخوان كجماعة مازالت تتعامل بعقلية «التنظيم» ولم تصدق حتى الآن أنها وصلت إلى الحكم عليها واجبات والتزامات تجاه العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وتتعامل بعقلية رجال الدولة.