ما أجملك يا رسول الله. ما أكملك، طاهر نورانى جئت بالنور والهداية فى وقت كان فيه العالم يموج فى بحار الوثنية والظلام والمادية الخانقة المميتة لكل جمال ورقى.
كانت العيون عمياء والقلوب صماء والأنانية القبلية سائدة عندما قدمت لأم القرى طريق الحق وهو التوحيد الخالص لله رب العالمين تقدست أسماؤه وصفاته.
وقفت كالبدر الكامل فى الظلام وقلت لهم اعبدوا الله الواحد الأحد ربى وربكم ولا تتكبروا ولا تتبعوا الهوى والشيطان فإنه عدوكم وإنه يدعوكم إلى التهلكة.
ما أعظمك يارسول الله فقد وقفت أمام طوفان الجاهلية وصراخ القلوب الميتة والألسن العفنة والحصار المادى والمعنوى وتحملت الإيذاء القاسى ووقفت شامخاً تتلقى وحى السماء وترد عليهم بالحكمة والموعظة الحسنة.
ووسط هذه القسوة وهذا الضلال الشيطانى وجدت الدعوة المحمدية النورانية صدى فى قلوب اصطفاها العزيز القدير لتصبح مشكاة هداية تسير وتلتف حول سيد الدنيا حبيب الرحمن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لتتراجع جحافل الظلام اأمام هذا الإيمان الطاغى والكاسح والمتنامى والذى يحب الله سبحانه وتعالى ويحب النبى الخاتم عليه الصلاة والسلام.
منذ الوهلة الأولى للدعوة وكل فعل قمت به يا خير خلق الله هو أسطورة ومعجزة لم تعرفها البشرية من قبل فلقد محوت الجهل بخطابك المقدس عن الذات العالية وعن صفاته المقدسة «قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد». وحددت العلاقة بين المطلق والمحدود وبين عالم الغيب وعالم الشهادة.
وعندما وطئت قدمك الشريفة المدينة التى أصبحت منورة بك يا نور العين يارسول الله صلى الله عليك وسلم وبنيت أول مسجد للإسلام لتسجد كل القلوب المؤمنة معك لرب العالمين وآخيت بين المسلمين فى أخوة إيمانية لم يعرف لها نظير فى مدينة كانت قبل مقدمك الشريف مدينة صراع متصل ومرارة وثأر متجذر.
إن كل فعل وكل قول قام به أو تفوه به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إضافة وإنجاز للبشرية جمعاء فى المدينة المنورة وخارجها. فلم تكن البشرية تعرف قبلك كل هذه المعانى الجميلة والنبيلة للإخاء والمساواة والحق والعدل والرحمة والرفق بالشيخ الكبير والضعيف.
مسكين هذا الفرد الذى تحدث متسائلاً عن إنجازات سيد الخلق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فى المدينة المنورة فى مائة يوم؟ هذا المسكين عليه أن يستغفر ربه لعل الله سبحانه يغفر له.