حالة الطوارئ نظام استثنائى محدد بالزمان والمكان لمواجهة ظروف استثنائية تُهدّد البلاد، باتخاذ تدابير احترازية لحين زوال التهديد، هذا باختصار فحوى الأمر دون التطرق لتفاصيل لا يتسع لها المقام، ويتساءل ملايين المصريين: ماذا استفادت حكومة الببلاوى من فرض الطوارئ؟، والجواب باختصار: لا شىء سوى «الوصمة المجانية» دون أدنى مكاسب. نعلم أن جماعة الإخوان خاصة صقور القطبيين انتهزوا فترة حكم الرئيس المعزول وشكّلوا مجموعات قتالية تولت عناصر من حركة «حماس» تدريبها على مهارات «حرب الشوارع». ويوميًا تتعطل الحياة فى بعض أحياء القاهرة، وشتى مدن مصر بسبب الشغب الذى يُصّر الإخوان وفلولهم على استمراره كسبًا للوقت وربما التعاطف الشعبى والدولى، خاصة أنه ينتهى بمواجهات دامية، يروح ضحيتها قتلى وجرحى. لا أفهم سببًا لعدم اتخاذ قرار بحظر التظاهر السلمى وغيره، استنادًا لحالة الطوارئ، وبالتالى نمنح القوات مسوغًا حاسمًا للتعامل مع التظاهرات والاعتداءات التى تسعى لإشاعة الفوضى، وربما الاحتراب الأهلى فى البلاد، مادامت الحكومة تحملت «وصمة الطوارئ»، فلماذا لا تستفيد منها لآخر بند، حتى نضع نهاية لهذا الوضع الذى يُنذر بالأسوأ.
الإخوان يراهنون على الوقت، والحكومة «نائمة فى العسل» لأسباب مجهولة، ولا نبالغ حين نحذر من أن الموجة الجديدة من المواجهات مع تنظيمات الإسلام السياسى بقيادة الإخوان هى الأكثر شراسة، بالنظر للتطورات التى تشهدها مصر، والضربة الموجعة التى تلقتها تلك الكيانات، وفشل تجربتهم السياسية. كل هذا جمع خليطًا لأكثر العناصر تطرفًا، تتمترس بمنظومة فقهية بالغة التطرف، وتمتزج بشعور بالاضطهاد من منظومة الحكم الحالية وظهيرها الشعبى والسياسى والإعلامى الذين تعتبرهم «الجماعة وأزلامها» كفارًا محاربين، بينما يرون أنفسهم «الطائفة المؤمنة الربانية» التى تعتقد أنها مكلفة بقتالهم حتى النصر أو الشهادة. مكمن الخطورة هنا هو تنوع التنظيمات الجديدة، فهى تتألف من مشارب حركية وفكرية مختلفة، لكن جمعتها فكرة واحدة هى شعورهم بالمرارة والهزيمة، وبالتالى أصبحت شعارات «السلمية» محض لغو فارغ يمارسه الجناح السياسى لهذه الكيانات الإرهابية التى بدأت العنف بالفعل باعتبار أن ما يجرى بمصر ليس صراعًا سياسيًا، بل «حرب مقدسة» بين الحق والباطل، وأن الإطاحة بمرسى ونظام حكم الإخوان فرض عليهم وجوب قتال ما يصفونه بالسلطة العلمانية التى تعتبر عدم قتالها «كفرًا صريحًا»، وبالتالى فإن المواجهة المسلحة باتت حتمية برأيهم، وبتقديرى فإننى أتفق معهم بهذا، لأنه بدون الحسم الميدانى لن نتقدم خطوة، وسيكون المسار السياسى تحت رحمة جرائم إرهابيين يزعمون السلمية، ويجدون من يساندهم فى الداخل والخارج.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة