لا أدرى ما الظروف والملابسات التى دفعت الدكتور أحمد كمال أبوالمجد لتقديم مبادرته الخاصة بالمصالحة مع تنظيم الإخوان المحظور فى مصر، هل تلقى تكليفا من أجنحة بالحكومة بالمضى فى طريق احتواء الإخوان على أساس أن هناك من يفكر ويزن الأمور بالعقل داخل مركز التنظيم فى مصر، أم كان الأمر مجرد توجه شخصى منه انطلاقا من نواياه الحسنة وعلاقاته القوية بكل الأطياف السياسية.
أيا كان السبب وراء مبادرة أبوالمجد فقد فشلت فشلا ذريعا، ورفضتها كل القوى السياسية، بما فيهم تنظيم الإخوان فى مصر الذين أصدروا بيانا أنكروا فيه تقدم أبوالمجد بمبادرة متكاملة أصلا، وقالوا إن هى إلا مقترحات فى جلسة دردشة ودية ونعمل على دراستها وإبداء الرأى فيها، وعندما فعلوا أصدروا بيانا ثانيا، رددوا فيه شعارات اعتصام رابعة مطالبين بما أسموه عودة الشرعية، يعنى عودة مرسى المعزول بإرادة الشعب ودستور الغريانى الساقط ومجلس الشورى المجمد.
وبالمناسبة لم يطالب أبوالمجد الإخوان بالكثير، فقد طالبهم بإدانة العنف والاعتذار عنه والاعتراف بشرعية ثورة 30 يونيو، لكنهم كالعادة استكبروا وتصوروا أن حركة أوباما بتعليق جزء من المساعدات المالية والعسكرية لمصر نوع من التحرك الأمريكى لإعادة الأمور إلى ما قبل الثورة وإدخال مرسى قصر القبة على ظهر دبابة وفتح الشورى تحت حراسة مشاة البحرية «المارينز».
فى المقابل، تبرأت الحكومة من المبادرة وصاحبها وأعلن أحمد البرعى وزير التضامن أن الحكومة لن تتواصل بأى شكل من الأشكال مع المبادرة، كما أعلنت جبهة الإنقاذ أنها ترفض لقاء أبوالمجد أصلا وأنكرت عليه أن يضع شروط المصالحة كما رفعت الأحزاب المدنية شعار «لا للمبادرات مع المحظورة وفات أوان المبادرات».
الغريب فى الأمر أن أبوالمجد وهو الفقيه القانونى البارز ومحامى الدولة فى قضاياها الخارجية، والسياسى المخضرم، يتصور أن الدولة المصرية يمكن أن تعقد صلحا مع مجموعة من الإرهابيين رفعوا السلاح على المواطنين وكسروا حالة السلم العام وحاولوا إشعال حرب أهلية مع سبق الإصرار والترصد، ومازال عدد من قياداتهم هاربين من العدالة.
كيف يتصور أبوالمجد وهو من هو أن الدولة المصرية تفاوض القتلة على أمنها القومى وعلى ثوابتها الراسخة منذ عقود طويلة، وكيف له أن يخطئ ويمارس دور المحامى فى «بيكر وماكنزى» عندما يتصدى لملف حساس مثل ملف تنظيم الإخوان.
يا دكتور أبوالمجد أعرض عن هذا، وعلى رجال المحظورة أن يتمنوا عفو الشعب المصرى لسنوات طويلة قبل أن ينالوه، وقبل أن يمكن القبول بهم مرة أخرى فى نسيج المجتمع.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة