لله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. رجال أدركوا معنى وجودهم على الأرض ومعنى أنهم شرفوا بأن الله هو بارئهم ولم ينسوا بسبب إغراءات الدنيا التى هى حقا دنيا، «أنهم عباد الرحمن» وأن هذه العبودية تملى عليهم أنشطة مختلفة عن باقى الأنشطة التى تمارسها الكائنات الأخرى. وفهموا ببعض الفكر أن كل ما فى الأرض قد وضع فى خدمتهم ولخدمتهم، وأنهم تميزوا بالعقل، هذا الجزء الخطير والمهم، صاحب المقدرة الهائلة والرائعة على تسخير الحياة، وإيجاد بناء تراكمى من المعلومات، سمح للإنسان بناء حضارات خلابة. واستنتج الإنسان من هذا العقل الجبار أن لديه ملكة نورانية أو جوهرة ربانية تسمى «الروح» التى هى مصدر الحياة فى هذا البناء الربانى ألا وهو الجسد أو وعاء الروح. وعرف من الرسل والأنبياء أن خالق الروح وخالق كل شىء فى هذا الكون العظيم هو الله سبحانه وتعالى، لكن النفس، والأنانية البشرية، والشيطان عدو الإنسان، طمس الكثير من الحقائق التى يحتاجها الإنسان لجلاء بصيرته، والسير فى طريق الهداية والإيمان الحق. ومن تأمل بصدق سجد لرب الكون، وأسلم وجهه لله، وبالتالى شكر الله على نعمة الإيمان والأمان، وعلى نور الإيمان، وعلى سعادة الإيمان. فالعبد المؤمن يأتنس بالله ويسعد بالقرب من أنواره، ويحب كل شىء خلقه ربه، ويحافظ عليه، ولا يسعى لتدميره، ولا يستهلك الزمن فى الدمار الذاتى بالأعمال الضارة، ولكن يبنى ويشيد كل ما يأتى بالخير لنفسه وللآخرين من الحيوات الأخرى. من يحافظ على الحياة هو حبيب الله سبحانه وتعالى، ومن يدمرها هو عدو صنعة الله وعدو خلق الله، وبالتالى هو شيطان أعمى.
يقول سيدى أبومدين ذلك القطب الربانى رضى الله عنه «الفقر فخر، أى الافتقار إلى الله»، والعلم غنى، والصمت نجاة، والزهد عافية، ونسيان الحق طرفة عين خيانة، والحضور مع الله سبحانه وتعالى جنة، والغيبة عنه نار، والقرب منه لذة، والبعد عنه حسرة، والأنس به حياة، والاستيحاش منه موت».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة