الأسرة هى المؤسسة الاجتماعية الأولى التى ينمو فيها الطفل ويكتسب من خلالها معايير الخطأ والصواب، وإذا تحولت هذه المؤسسة الهامة إلى ساحة لممارسة مختلف أنواع العنف فإنها أشبه ما تكون بالسلاح الفعّال والمنشط لظهور الاضطرابات السلوكية، ذلك أن التصرفات والسلوكيات التى تمارس من قبل الوالدين على الأبناء والتى تترك آثاراً وإن كانت لا تظهر فى المدى القريب.
قال الدكتور محمد مختار صالح استشارى الصحة النفسية والعلاج النفسى، إن المجتمع أدرك خطورة العنف الأسرى فى السنوات الأخيرة، الأمر الذى تطلب استحداث قوانين حماية أفراد الأسرة وبخاصة [المرأة، الطفل]، مشيرا إلى أن الخلافات الزوجية من أهم المخاطر التى تعصف بالكيان الأسرى، مؤكدا على الارتباط الوثيق بين الخلافات الزوجية وظهور العدوان والعنف داخل الأسرة كرد فعل لهذه الخلافات والتى تنشأ هى الأخرى نتيجة لمجموعة من العوامل.
وتتمثل خطورة العدوان داخل الأسرة كما أوضح صالح فى الانتقال من جيل لجيل ومن فرد لآخر، ووفقا لنظريات تواصل الأجيال Intergenerational Theorie، التى تؤكد على انتقال مظاهر السلوك والاتجاهات والمدركات مشاكل فى عملية التواصل المنتج بين أفراد الأسرة والذى بدوره يعمل على استمرار دورة العنف والعدوان الأسرى من جيل لجيل داخل الأسرة، ويرى أصحاب تلك النظريات أن الجناة والضحايا يكتسبون مفهوم ذات سلبى، ويكون لديهم قصور فى أنماط التواصل ينتج من التعلم الاجتماعى من أسرهم التى تربوا فيها أو من السياق الاجتماعى الذى يتغاضى عن العنف, وبالنسبة لنظريات المنظومات الأسرية Family Systems Theories يتحمل ضحايا العنف الأسرى بعض المسئولية فيما يقع عليهم من إيذاء لأنهم يشتركون مع المعتدين فى أنماط التفاعل الذى يتضمن العدوان مما يؤدى إلى استمرارية هذا العدوان.
وأشار صالح إلى أن تتعدد إشكال النواتج التى تخلفها ظاهرة العنف الأسرى انتقال العدوان الجسدى حيث تشير الدراسات إلى أن هناك ارتباطا بين طلاق الزوجين وظهور السلوك العدوانى لدى الأطفال، وذلك بسبب الضغوط والصراعات التى تحدث داخل المنزل كرد فعل لهذه المشاكل.
ومن الجدير بالذكر أن الأسرة التى تستخدم العدوان اللفظى أو البدنى فى كل نزاع بين الوالدين، تميل إلى استخدام نفس الأسلوب العدوانى مع الآخرين، ومن ثم فإن الطفل العدوانى هو نتاج عدوان الوالدين.
وأضاف صالح أن الأطفال المنحرفين والمعتدين يأتون فى الغالب من أسر تعانى من تدهور فى الأجواء النفسية الأسرية، حيث تفتقد أسرهم إلى التماسك فيما بينها، والميل الواضح للصراعات المستمرة المصحوبة بالشجار والخصام، كما أن هذه الأسرة تفتقد للتوجيه الثقافى، ولا يقف الأمر عند ذلك الحد، ولكن تتضح معالم المشكلة عندما تتحد مجموعات من هؤلاء الأبناء العدوانيين لتكون مجموعة رفقاء السوء، وهناك العديد من العوامل التى تؤدى إلى ذلك أهمها:
1-الصعوبات الاقتصادية التى تؤثر على العلاقات داخل الأسرة، وانخفاض المستوى التعليمى والاجتماعى والاقتصادى، كذلك الخبرات الأسرية الأليمة التى مر بها الآباء فى طفولتهم، مشيرا إلى أن الآباء العدوانيين أقل فهماً لمطالب الأبناء وليس لديهم خبرات لمطالب النمو والتعامل ويعتمد أسلوبهم فى التعامل على كثرة اللوم والتوبيخ، ويربط بعض الباحثين بين شدة وتكرار العدوان وبين استخدام المواد المخدرة والمسكرات، إضافة إلى الأساليب التربوية الخاطئة، والعنف الإعلامى، حيث يشكل الإعلام فى عصرنا الحاضر القوة الأكثر تأثيراً فى الحياة.
ونتيجة لكل هذه العوامل يتعرض الطفل لأنواع من الإساءة الإســاءة البـدنيــة والانفعـاليـة، والجنسية عند هروبه من المنزل، أو الإساءة فى العمل عندما تدفعه الأسرة لذلك، مما يؤدى إلى العديد من الانحرافات ومنها:
- الإساءة للطفل نتيجة العمل حينما تدفعه الأسرة للعمل.
- ولا شك أن ذلك يؤدى إلى ظهور العديد من المشاكل منها، ظهور وزيادة العدوان لدى الأطفال والانحرافات السلوكية، المتمثلة فى ثورات الغضب والعنف والاندفاع والتهور، والخروج على السلطة، وضعف البناء النفسى، وقلة تقدير الذات، وبعض الاضطرابات النفسية وتأخر النمو الجسدى والمهارات العقلية.
عدد الردود 0
بواسطة:
رجاء
شكر وامتنان