أنت طيب أوى.. طيب أوى للدرجة التى تصور لك أن القراءة من كتاب «يوتوبيا» أمر كافٍ للتعاطى والتعامل مع الواقع المصرى المشتبك والمرتبك، دون أن تسعى ولو مرة واحدة خلال الألف يوم الماضية بعد ثورة 25 يناير إلى دراسة الواقع، والتعامل معه بعيدًا عن أرض الأحلام، ومثالية تحقق الغايات الشريفة بمجرد أن تتمناها، أو تحتشد فى الميادين للمطالبة بها.. أنت طيب جدا يا رفيق مسيرات 25 و28 يناير، لأنك لم تدرك حتى الآن أن طريقتك الحالمة لم تجلب لمصر الجنة لا فى 25 يناير 2011، ولا فى 30 يونيو 2013 دون أن تملك شجاعة الاعتراف بالخطأ.. خطأ ترويج أحلام تعلم مسبقا أن تحقيقها فى فترة زمنية قصيرة أمر مستحيل، وخطأ الاستسلام لعجائز زمن مبارك فى القوى المدنية وجماعة الإخوان والسلفيين لكى يديروا أمور ثورتك نيابة عنك.
أنت أيضا يا زميل مواجهات الخرطوش من داخلية حبيب العادلى ظالم وغير عادل، دوما تستدعى شماعة الشعب البسيط الجاهل لكى تعلق عليها فشل تحقيق أحلامك التى لم يتم ضبطك يوما ما وأنت متلبس بتمهيد طريق الواقع لها، أنت مثلا مصدوم بشكل مستفز ومثير للضحك من الملايين المصرية التى تهتف باسم الفريق السيسى وتتمناه رئيسا..
انتبه أنت المسؤول عن صدمتك، لأن انفصالك عن الواقع أخبرك بأن الملايين تبحث عن حكم مدنى ديمقراطى بعيدا عن عمائم الدين، وقبعات العسكر، وصدمتك دفعتك لأن تشتد فى ظلمك على جموع المصريين، وتصفهم بعبيد البيادة التواقين لحكم العسكر، رغم أنك فشلت على مدار 1000 يوم أن تقدم بديلاً للإخوان أو بديلاً للعسكر.
المهم أعلنت براءة نفسك ووجهت الإدانة مغمسة بالإهانة إلى صدر المصريين دون أن تقف فى لحظة، وتستدعى رجولتك لتعترف بأن فشل شباب الثورة والقوى السياسية الجديدة التى تشكلت بعد ثورة 25 يناير أو مظاهرات 30 يونيو، أو حتى القوى السياسية المدنية القديمة، أو حتى الإخوان أو السلفيين، فى أن يقدموا للشارع المصرى بديلا محترما عن الأمان والاستقرار اللذين وجدوهما لسنوات فى حضن الجيش.
هل أقوم بالترويج والدعاية للفريق السيسى الآن؟!!.. لا أبدًا أنا أسعى لتشخيص داء الواقع حتى ننجح فى اختيار الدواء، وأول طريق العلاج أن تسترجل وتعترف يا عزيزى الثورى أو الإخوانى أو الحزبى أننا فشلنا على مدار 1000 يوم ثورة فى تقديم بديل حقيقى متماسك ومتعاون للشارع المصرى، يغنيهم عن استدعاء القوات المسلحة.. استرجل واعترف بأن فشل القوى الثورية وحمدين وأبوالفتوح والبرادعى فى الاصطفاف، وفشل الإخوان وأكاذيبهم وإرهابهم، هما الدافع فى اضطرار الجماهير لرفع صورة السيسى فى الميادين.
المصريون ليسوا عبيدا، لا لبيادة، ولا للحية أو عمامة دينية.. المصريون فى الشوارع عبيد لمستقبل أولادهم، ولقمة عيشهم، فلا تهرب من فشلك فى تقديم بديل قوى قادر على إقناع الشعب المصرى بأنه يملك زمام أمره، وقادر على أن يضمن لهم المستقبل بخطط وبرامج لها جداول زمنية محددة للتنفيذ، وتتهم الناس بأنهم عبيد للبيادة، لأن واقع الشهور الـ30 الماضية بعد الثورة يؤكد أنك يا عزيزى الثورى عبد أحلامك التى فصلتها عن الواقع، والإخوان عبيد أحلامهم المرتبطة بأستاذية العالم التى لا تعترف بمصر وطنا، والنخبة عبيد مصالحها ومكاسبها الخاصة، والقوى الباقية من نظام مبارك عبيد السلطة التى تمنحها القوة والنفوذ.
الكل إلا المواطن المصرى الغلبان الذى تسخر أنت من جهله ومرضه وفقره عضو فى قوائم العبيد، فاسترجل وانزل إليه فى الشارع، فكر ولو لمرة واحدة فى خلق صيغة جديدة أو طريقة واحدة فاعلة للتعامل بها مع الشارع وأهله، بعيدا عن التنظير وتغريدات تويتر، والشعارات التى لا يعرف لها الواقع طريقا، ولا تعرف هى إلى الواقع سبيلاً.