كانت لفتة طيبة ونبيلة وكريمة من التيار الشعبى بتكريمه للمفكر القومى الرائع الدكتور أحمد يوسف أحمد مدير معهد الدراسات العربية. أكد التكريم على قيمة هذا الرجل، ولعل الحضور الذى كان من أطياف سياسية مختلفة عبر عن ذلك، فالسنوات التى ظل فيها قابضا على مبادئه لا يحيد عنها لم تذهب سدى، وأفكاره المقاومة للتبعية والتخلف والاستبداد، يحملها تلاميذه من المحيط إلى الخليج عبر مؤلفاته، وإشرافه على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراة، إما عن طريق معهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، أو كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذى يعد من كبار وأكفأ أساتذتها.
قبل نحو 25 عاما كنت أتابع مناقشة فكرية عميقة للتقرير الاستراتيجى الثانى الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، وتحدث المفكر والكاتب الراحل الدكتور محمد السيد سعيد، وأتذكر جملة قالها وما زالت ترن فى أذنى: «لا أستطيع مقاومة ضعفى نحو شخص رئيس الجلسة الدكتور أحمد يوسف»، كانت هذه الكلمة من مفكر رفيع نحو مفكر رفيع، والاثنان ناضلا من أجل وطن حر مستقل، حتى لو كان بينهما اختلاف فى تشخيص الداء.
بعد 25 عاما كانت كلمة حمدين صباحى مؤسس التيار الشعبى أكثر تفصيلا لجملة محمد السيد سعيد، قال صباحى: «إن المفكر الكبير أثبت أن الصدق ممكن، والنزاهة ممكنة، والتواضع للشعب ممكن، والالتزام ممكن، والانتماء لأمة عربية واحدة ممكن، وأن القدرة على أن يكون الإنسان محبًا حنونا شفوقا صافيا مع الناس ممكنة، وأن هذه المعانى وأكثر منها من صفات أحمد يوسف»، أكدت كلمتا محمد السيد سعيد، وحمدين صباحى على قيمة «أحمد يوسف» الإنسان «الموقف» الذى لم يغره يومًا ذهب المعز، ولم يخش سيفه، لكنك تلحظ أيضا منها أن العطاء حين يكون لوجه الله والوطن، يبقى أبد السنين مهما تقلبت الظروف، وأحمد يوسف هو نموذج لذلك، ولو كانت هناك إرادة لتقدم مصر من الذين حكموها منذ عهد مبارك وحتى الآن لقاموا بتبنى أفكار أحمد يوسف، وجعلوها أجندة عملية لا تعفى مصر وفقط من أمراضها وإنما تعفى عروبتنا كلها. مؤلفات الدكتور أحمد يوسف كثيرة، لكن تبقى رسالته للدكتوراة عن الدور المصرى فى اليمن من 1962 حتى 1967، أهم المؤلفات العلمية التى ترد على سفاهات التقليل من هذا الدور المصرى، العروبى وكان لهذا المؤلف دور فى مقاومة أغراض خبيثة تتعلق فى مقصدها النهائى بالنيل من قيمة جمال عبدالناصر كقائد للتحرر العربى، وأن تنكفئ مصر على ذاتها.