لا يخلو التعامل مع باسم يوسف والبرنامج من مفارقات وكوميديا وسخرية، حيث يحاكم البعض البرنامج الساخر بمفهوم البرامج السياسية، ويطلبون موقفًا من برنامج هم أنفسهم يطالبونه بأن يقدم لهم أكبر مساحة من الضحك. وبالتالى فإن مأزق باسم أنه مطالب بتقديم برنامج ساخر وخفيف، مع مواقف سياسية ترضى كل الأطراف والتيارات، وكأن عليه أن يمد يده ليخرج حماما وإيشاربات ومواقف سياسية، فى زمن يصعب فيه تمييز مواقف السياسيين والمحللين، يطالبون باسم بخوض معاركهم، فى زمن تبادل الأدوار، حيث الناشط إعلامى، والسياسى ناشط، والإعلامى سياسى.
وهو موقف صعب على برنامج لمدة ساعة، مطلوب منه أن يجيب عن كل أسئلة السياسة والاقتصاد، ويمشى على حبل مشدود يراعى خواطر الكل، ربما لهذا كانت حيرة باسم وفريقه، لأنهم خضعوا لكل هذه الضغوط، وسعوا للتوازن الدقيق، فكان طبيعيا ألا يرضوا كل الناس. وإن كان البرنامج حقق نجاحا، لكن عليه أن يشق طريقه بنفسه بعيدا عن الضغوط، مع العلم أيضًا أنه فى وسط إعلامى متعدد، مستعد للرد بالمثل والتجريح أيضا.
المصريون فى حاجة للضحك والفرح والانبساط، وتجاوز الاكتئاب والنكد، ولهذا نجح باسم، لكن من أكثر الأمور إثارة فى التعليق والتفاعل مع باسم أن البعض وضعه ضمن خطط كونية ومؤامرات عالمية، بينما هبط به البعض إلى مصاف التهريج والإسفاف.
ويكشف رد الفعل على البرنامج إلى أى مدى أصبح للبرنامج جمهور واسع وعريض، ربما يكون باسم نفسه فوجئ به، فهو ليس كله جمهور ضحك وفرفشة، لكنه جمهور يتعاطى السياسة وفى نفس الوقت يشعر بالملل من السياسة الجادة التى تشرح وتتحدث فى التفاصيل، وأيضا من بين الجمهور من هم ضد مبارك وضد مرسى أو مع مبارك ومع مرسى، ومع السيسى، وحولهم القطاع الواسع الذى يحب البعض تسميته «حزب الكنبة»، وهو حزب أوسع مما يظن البعض، لأنه متوفر على كنبة المنزل والمقهى والفيس بوك وتويتر، وهو ليس منفصلا عن السياسة، بل هو مندمج فى أحاديثها، وهو جمهور مؤثر، وعاطفى، ويصعب تصنيفه. وهؤلاء هم جمهور البرامج والأفلام والدراما.
وقد يكون من المفارقات أن يبحث الجمهور عن مواقف سياسية من برنامج ساخر يفترض أنه للتسرية والتسلية، والمتعة، وربما بسبب الوضع المحتقن، لم يصل البعض لاعتبار أن الإعلام بالأساس، يقدم خلطة تجمع التسلية والمتعة والضحك والإثارة، والهدف الربح، ولهذا يريدون من باسم برنامجا ساخرا وعميقا وسياسيا ومتوازنًا، وسط برامج أصبحت مملة ومتجهمة ومكررة بضيوفها وموضوعاتها، بينما يفترض أن تسعى لإمتاع المشاهد، وتوسع من مساحة الفكاهة، فى واقع كئيب ونكدى.
وليس ذنب باسم يوسف أنه الوحيد الذى ينتظر منه الجميع أن يفرج عنهم ويفش غلهم فى كل من يرفضونه ومن يغضبهم، وأن يرضى كل الأذواق.