إياك.. إياك أن تشاهد الأفلام من منتصفها، ستخسر ثمن التذكرة، وستجمع أكبر قدر ممكن من التأفف وشتائم الجمهور الذى أفسدت عليه لحظة اندماجه الدرامى، أثناء بحثك عن الكرسى، وسيبدو لك الجانى ضحية، والمجنى عليه سفاحا وشيخ منصر.. وستشعر للحظات بالضياع وربما يتطور الأمر للفوز بشعور الأهبل فى الزفة، حينما يأتى مشهد النهاية وتكتشف أن الكثير من الفيلم قد «فاتك» بشكل يجعلك عاجزا عن إدراك جوهر مشهد النهاية..
هذا طبعاً إن كنا نتكلم عن فيلم محترم خيوطه الدرامية معقدة وأكثر تشابكاً من شعر عروسة تستعد لليلة الزفاف..
وطبعاً لا تشابك أو تعقيد أو لخبطة درامية، يمكنك أن تجدها فى فيلم مثل الفيلم الذى تعيشه مصر منذ اللحظة التى جلس فيها مرسى وإخوانه فوق كراسى السلطة، وحتى تفهم مايجرى فى تلك اللحظة وتحدد الأكتاف التى يجب أن تُحملها ذنوب وأخطاء أحداث العنف والدم، عليك أن تركب حصان عقلك، وتذهب به نحو المقدمات، عند تلك النقطة التى يوجد بها الطرف الأول لخيط الأحداث..
مقدمات الأحداث ستكشف لك أن كل هؤلاء الضحايا سواء سقطوا فى أحضان رايات رابعة الصفراء، أو بجوار صور السيسى، ولافتات ترشيحه للرئاسة، يتحمل قيادات الإخوان آثام دمائهم، وإن لم أفعل ذلك قبل أن أبدأ فى توزيع الاتهامات على وزارة الداخلية والسيسى والمستشار عدلى منصور أكون مريضاً نفسياً، لأنه لا يوجد شخص عاقل على وجه الكرة الأرضية يمكنه أن يكف عن توجيه اللوم والاتهامات للإخوان المسلمين على كل هذه الفوضى والدماء، لأن رجلاً يحمل لقب المرشد العام لجماعة الإخوان، وقف على منصة رابعة العدوية ذات ليلة وهدد مصر أجمعها، قائلاً: «عودة مرسى أو دونها الرقاب»، ومن قبله وقف مرسى، وهو يحمل لقب رئيس الجمهورية ليهدد المعارضين بالسجن، ومن قبله فعلها خيرت الشاطر حينما هدد المعارضين بالتنصت والتسجيلات، ومن قبلهم أجمعين وقف شباب الإخوان ليهتفوا «اغضب ياحليم» و«اقطع رقاب المتطاولين»..
هل تدرك الآن صواب البحث عن رد الفعل، وإدانة صاحبه قبل أن تبحث شأن ردود الفعل وأصحابها؟
بعض شباب الإخوان يركبون حصان الابتزاز، ويصبون فى أذنك آلاف الكلمات عن أخطاء قيادات الإخوان، راغبين بأن يكون اعترافهم.. مجرد اعترافهم بأن الجماعة تعانى من بعض الأخطاء، هو الحصن الذى حمى الجماعة من الانتقاد ويرفع عنها كاهل مايحدث من كوارث، دون أن يدرى أحدهم أن الرد المناسب على ذلك، سيكون بأن يخرج لهم أحد من وزارة الداخلية، أو الجيش ليخبرهم بأن السلطة تعانى من بعض الأخطاء..
لماذا يؤمن الإخوان بأن من حق أخطائهم أن تؤدى إلى الفوضى، ولا يؤمنون أبدا بحق الآخرين أن يتعثروا فى بعض أخطائهم؟
الشاب الإخوانى يريد منك أن تسجد له شاكرا، لأنه أدان محاولة قتل خالد داوود، وأدان شتائم مظاهرات الإخوان للجيش المصرى، وأبدى امتعاضه من أكاذيب الجزيرة، وصفحات الإخوان، وجريدة الشعب حول نشر أخبار مفبركة عن انشقاقات الجيش، وتبرأ من تصريحات القتل التى أطلقها عاصم عبدالماجد.. وحينما تقول له، وكيف أصدق جماعة أنت تتبرأ وتدين معظم خطواتها السياسية؟ يتهمك بالتحامل على الإخوان وخضوعك للميول الإقصائية.
هل أزيدك بيتاً جديداً من التزييف الإخوانى للأمور؟
فى زمن مبارك كنا نسأل الإخوان، لماذا لا تخرجون بمظاهرات ضخمة ضد مبارك وتهتفون يسقط يسقط حسنى مبارك، مثلما يفعل عشرات الشباب من كفاية وغيرهم فى وسط البلد؟، لماذا تخرجون بالآلاف فقط للهتاف باسم القدس وفلسطين؟ يرد عليك القيادات قائلين: هذا درء للمفاسد لأن خروج مظاهرات ضخمة من الإخوان ضد السلطة، يعنى بحور دم والجماعة لا تقبل أبدا أن تكون سبباً فى إراقة دم الأبرياء!.. اليوم حاول أن تذكر أحدهم بهذه الشعارات، ولن تجد منه سوى ابتسامة صفراء سخيفة، واتهام بأنك انقلابى وعبد للبيادة، ولا تنتظر أى رد منطقى، أو استدلال بمعلومة لأن الإخوان لا يجيدون فعل ذلك؟