بينما كانت جماعة الإخوان تهتف ضد الجيش المصرى فى ذكرى يوم انتصاره العظيم أمس الأول، كان بعضهم يحمل صور الفريق سعد الدين الشاذلى بطل حرب أكتوبر 1973، والذى عاش بعد الحرب مضطهدا من السادات ثم مبارك، أنكر السادات دوره بالرغم من أنه كان رئيسا لأركان حرب الجيش المصرى، وصمم مبارك أن يقضى فترة عقوبة السجن فى قضية كان متهما فيها بإفشاء أسرار عسكرية، ولما عاد من منفاه الاختيارى بالجزائر، لم يستخدم مبارك سلطته كرئيس للجمهورية وقائد أعلى للقوات المسلحة فى وقف هذا الحكم.
رحل الفريق سعد الدين الشاذلى أثناء ثورة يناير، ولدى خروج جثمانه من المسجد هتفت الحناجر بشعارات كثيرة من بينها: «الوداع يا صلاح الدين»، وشعارات أخرى تشير إلى أن الشاذلى يرحل بينما يأخذ الشعب المصرى بثأره من «الرئيس» الذى ارتضى أن يضع القائد الميدانى الحقيقى لحرب أكتوبر فى السجن، دون أن يهتز له رمش.
رحل الشاذلى وخلافه الشهير معروف مع السادات حول حرب أكتوبر، ورحل وقصته مع الرئيس المخلوع مبارك معروفة، أما أن ترفع جماعة الإخوان صوره فى مظاهرات أمس الأول، فهذا هو المثير والمغرض فى نفس الوقت.
كان هذا التصرف من الإخوان بمثابة الرسالة الخطأ لجيشنا الباسل وشعبنا العظيم، فلم يكن الشاذلى إخوانياً فى يوم ما، وبينما هى تؤكد على أنها تحمل تقديراً كبيراً لـ «السادات»، يكرهه الشاذلى، وعنده أسبابه.
وبينما عاش الشاذلى ومات مخلصاً لجيشنا العظيم، ومفتخراً بأنه مدرسة الوطنية المصرية، ترمى «الجماعة» الجيش بأقذر أنواع الشتائم، وترعى حلفاءها الذين ينفذون عمليات إرهابية ضد ضباطنا وجنودنا، وتحلم بأن تستيقظ يوماً فلا تجد له وجوداً، وليس هذا الوضع مستجداً، بل إنها كانت على نفس الحال منذ ثورة 23 يوليو 1952، وبينما عاش الشاذلى ومات وهو يحمل تقديراً كبيراً لجمال عبدالناصر، تعيش الجماعة فى خصومة تاريخية معه، فلا هى تطيق اسمه، ولا ترى شيئاً إيجابياً فى مشروعه السياسى، ولأن «الجماعة تعمل بقاعدة إلقاء كل معارضيها فى البحر، يأتى السؤال، لماذا ترفع صور الشاذلى؟.
إذا كانت تريد القول بأنها أنصفته، فهذا مردود عليه بأن المجلس العسكرى بقيادة المشير طنطاوى هو صاحب الفضل الأول فى ذلك، أما إذا كانت تريد القول بأن هذا البطل منا، ستكون ارتكبت جناية كبرى، وإذا كانت تريد القول بأنه البطل الذى تعترف به، فهذا دليل على جهلها بأن الجيش لحمة واحدة فى عطائه الوطنى والعسكرى وبالتالى فإن رفعها لصوره هو اتجار رخيص منها.
أذكر فى عام 2000 أننى كنت فى منزل الدكتور خالد جمال عبدالناصر رحمه الله، وبحضور الابن الأكبر للزعيم الإفريقى باتريس لومومبا قائد نضال الكونغو لاستقلالها عن البرتغال، والذى اغتيل فى دراما إنسانية هائلة وامتد الحوار إلى ذكريات لومومبا وعبدالناصر، ودور الشاذلى الذى كان فى الكونغو وقت الاغتيال ولعب دوراً فى تهريب أبناء الزعيم الإفريقى إلى مصر، وطلب خالد الفريق الشاذلى على التليفون ليبلغه تحيات ضيفه، وأعطانى التليفون لكى أحدثه، فقال لى كلاما كثيرا عن عملية التهريب، مضيفاً: «كانت أيام للعزة والكرامة يقودها قائد عظيم هو جمال عبدالناصر»، فلماذا يرفع الإخوان صور الشاذلى؟