حافظ أبو سعدة

القوانين الاستثنائية تتعارض مع دولة القانون

السبت، 16 نوفمبر 2013 03:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بانتهاء حالة الطوارئ التى فرضت على مصر بعد ثورة 30 يونيو يوم 14 أغسطس، وهو اليوم الذى تم فيه فض اعتصامى رابعة العدوية وميدان النهضة، عادت مصر إلى القوانين الطبيعية، لاسيما أن الأوضاع الأمنية أصبحت مستقرة نوعا ما فقد كان الدافع لتمديد حالة الطوارئ لتستمر ثلاثة أشهر بسبب ما صاحب هذا الفض للاعتصامين من انتشار أعمال العنف فى عدد من المحافظات استهدفت منشآت الدولة من أقسام شرطة ومديريات الأمن والمقرات الأحياء والمحافظات وكل ما يمت إلى الدولة بصلة، بالإضافة إلى إحراق أكثر من 60 كنيسة وفقا لتقارير منظمات حقوقية مصرية.

السؤال هو هل يشكل انتهاء حالة الطوارئ فرصة لجماعات العنف المسلح لتهديد الاستقرار وتقويض الأمن، وهل لا تتملك الدولة من الأدوات والقوانين ما يمكنها من السيطرة على هذا العنف، وهل فرض حالة الطوارئ هو الطريق الوحيد لفرض الأمن؟ التحليل التاريخى لحالة الطوارئ فى مصر لا يؤيد الاتجاه الذى يربط بين فرض حالة الطوارئ واستخدام قانون الطوارئ كقانون استثنائى وبين فرض الأمن والاستقرار، فكل أعمال العنف المسلح التى شهدتها مصر فى عقدى الثمانينيات والتسعينيات من قتل لرموز مصرية «رفعت المحجوب وفرج فودة» ومحاولات اغتيال سياسيين وتفجير قنابل مفخخة وعملية الأقصر عام 1997 التى راح ضحيتها أكثر من 60 قتيلا من السياح الأجانب، بالإضافة إلى عمليات اغتيال ممنهج لرجال الأمن والشرطة بلغ إجمالى عددهم وفقا لإحصاء المنظمة المصرية حوالى 1500 شهيد كما استهدف الأقباط والمواطنين العاديين أو سقطوا نتيجه للعنف العشوائى، كل هذه الأعمال تمت فى ظل حالة الطوارئ، ولم تمنع القوانين والمحاكمات الاستثنائية هذه الأعمال العنيفة، بينما رأينا دولا أخرى شهدت أحداث عنف مشابهة ولكنها لم تفرض حالة الطوارئ، لكن القوانين الطبيعية كانت قادرة على التصدى لمثل هذه الجرائم.

ما نحتاجه فى الحقيقة ليس قوانين استثنائية جديدة أو استمرار فرض حالة الطوارئ لكن إنفاذ القانون والتزام المعايير الدولية لدولة سيادة القانون بما فى ذلك تطوير نظام العدالة لكى تحقق العدالة الناجزة وسرعة تطبيق القانون وتنفيذ الأحكام، فأبواب قانون العقوبات بها ما يكفى لحماية أمن الدولة من الخارج لمكافحة جرائم الجاسوسية والتخابر لدى دولة أجنبية للإضرار بمصالح مصر وكذلك جرائم أمن الدولة من الداخل التى تضمن جرائم قلب نظام الحكم بالقوة أو تعطيل مؤسسات الدولة الدستورية ومنعها من القيام بوظائفها أو العمل على تعطيل وسائل الإنتاج أو الاتصال أو قطع الطريق أو الاختلاس أو التعدى على المال العام. كما أننا لدينا تعديل على الباب الثانى أجرى عام 1992 برقم 97 تحت مسمى قانون مكافحة الإرهاب وهو فصل كامل لمواجهة الجرائم الإرهابية، فضلا عن القرارات الدولية الملزمة لمصر للتعاون فى مكافحة تمويل الجرائم الإرهابية وتبادل المعلومات على المستوى الدولى، بالإضافة إلى اتفاقيات مكافحة الجريمة المنظمة وغسيل الأموال، فالقوانين القائمة لدينا قد يحتاج بعضها للتعديل أو التطوير إلا أنها لو التزمت الدولة بإنفاذها وبقوة وعدالة على الجميع فسوف تكون فعالة فى مكافحة ومواجهة كافة المخططات التى تستهدف استقرار مصر. كما أن حماية الأمن العام وتأمين المنشآت العامة وهى مهمة الشرطة وأجهزتها بالأساس إلا أنه وبموجب قرار من رئيس الدولة يحق للرئيس أن يكلف الجيش بالمشاركة فى التأمين إذا احتاجت إلى تلك الأمور وكل حالة تقر بقدرها طبعا. بعد ثورتين من أجل الحرية والتحرر الإنسان المصرى فى حاجة لكى ينعم بدولة سيادة القانون التى تتعارض وتتناقض مع القوانين الاستثنائية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة