لماذا تفرج CIA عن الوثائق الخاصة باتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل فى هذا التوقيت؟
250 وثيقة تتضمن أسراراً ومعلومات خطيرة قبل وبعد إبرام الاتفاقية، بعضها يتعلق بالشأن الداخلى المصرى وأوضاع الجيش وصراع السادات لإبقاء التوازن السياسى بين مختلف القوى المؤثرة فى البلاد لإنجاح خطته فى الانتصار على إسرائيل سلمياً بعد أن حقق انتصاره عليها فى ميدان المعركة، والهدف النهائى هو استعادة كامل التراب الوطنى.
هذه الوثائق خاصة ما يتعلق بأوضاع الجيش المصرى فى عقدى السبعينيات والثمانينيات يتصور بعض المحللين والخبراء وجود ارتباط وثيق بين توقيت الإفراج عنها وتدهور العلاقات بين القاهرة وواشنطن والتقارب المصرى الروسى، الذى يمكن أن يحدث زلزالاً فى أوضاع منطقة الشرق الأوسط، بكل المقاييس نحن أمام ثروة معلوماتية حول حقبة مهمة من تاريخنا الحديث تكشف كيف أدار الرئيس الراحل السادات معركته لاستعادة الأرض التى فقدناها فى 1967، كما تكشف قصور الفكر لدى كثير من الأطراف العربية التى خسرت أكثر مما كسبت لخوفها من شجاعة السادات وتمسكها بشعارات لم تستطع أن تحققها على الأرض.
أيضاً، علينا أن ندير هذه الثروة المعلوماتية بشكل رشيد آخذين فى الاعتبار توقيت إزاحة الغطاء عنها، فالمفترض أن نحصل على هذه الوثائق كاملة أولاً، ثم نبحث فى مدى صدقيتها وأصالتها، ثانياً، نعكف على فهرستها ووضعها فى سياق الوثائق الموجودة بحوزتنا حول هذه الفترة، ثالثاً، على أن نبدأ فى الإعلان عن نشر الوثائق الكاملة حول هذه الفترة بما فيها الوثائق الأمريكية.
بالطبع علينا الرد وبقوة على أى وثائق مدسوسة أو معلومات مغلوطة ترد فى الوثائق الأمريكية أولاً بأول، ولدينا من المؤرخين والسياسيين وشهود المرحلة ما يمكنهم ببساطة تفنيد أى مزاعم أو اختلاقات أمريكية فى هذا الصدد، لمنع أى ارتباك أو تشويه للقيادات المصرية فى ظل بروز حرب باردة جديدة بين المعسكرين الشرقى والغربى واضطلاع مصر مضطرة بدور فى هذه الحرب.
ما أريد قوله باختصار أننا يجب أن نتعامل مع الوثائق الأمريكية حول كامب ديفيد، بمنطق إدارة الأمر وليس مجرد الاستقبال والتسليم، بمنطق الدولة لا القبائل المتنازعة، ويختلف هذا الفهم كثيراً عما بدأ يشيع لدى البعض من انكشاف المستور عن كامب ديفيد برعاية السيد الأمريكى، أو لدى البعض الآخر، بضرورة مواجهة هجمات الشيطان الأمريكى على الثورة المصرية، فالإدارة الأمريكية ليست شيطاناً ولا ملاكاً، ومواجهة أطماعها ومصالحها فيما يخصنا تبدأ بإدراكنا لمصالحنا أولاً.