شهدت مصر فى الأسبوع الماضى مبادرتين مهمتين لهما من الدلالات والمؤشرات ما يستحق التوقف عنده، ورغم التزامن فى التوقيت فإنهما مختلفتان تماما فى مصادرهما، ورغم ذلك فكلتاهما تدفعان بمصر إلى تغيير مسارها 180درجة. مبادرة الإخوان المسلمين أهم ما فيها أن الجماعة أكدت على التخلى عن مرسى، مقابل الحفاظ على مؤسسات الجماعة وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة وما تبقى مجرد لغو ومادة للتفاوض، والغريب أن وزيرين من الحكومة أيدا المبادرة. مبادرة الزيارات الروسية المصرية الشعبية، بدأت من الجنرال أحمد شفيق، ومن يتأمل الوفد الشعبى المصرى سيجد فى مقدمته رئيس حزب الحركة الوطنية، وتهدف تلك الزيارات إلى إعادة تقديم الفريق شفيق نفسه من جديد للمصريين من جهة، وتغيير مسار الدولة المصرية من الغرب إلى الشرق.
هاتان المبادرتان يقف خلفهما أطراف من الدولة، حيث إن حزب الحركة الوطنية يستقوى بالسلفيين فى مواجهة الإخوان، وتسانده فى ذلك أطراف من الأجهزة الأمنية للدولة القديمة التى كانت ترعى السلفيين منذ التأسيس وحتى الآن، ومبادرة الإخوان تؤيدها أطراف من الدولة الجديدة فى محاولة للاستقواء بالإخوان المهزومين فى مواجهة الصعود السلفى المدعوم إقليميا، كما تجدر الإشارة إلى الظهور المفاجئ لقيادات من الجماعة الإسلامية ممن كانوا يعارضون عاصم عبدالماجد وطارق الزمر، وكذلك محاولات المنشقين عن الإخوان احتلال المكانة التى كان يستأثر بها الإخوان، هكذا تحاول أطراف المشروع الإسلامى الالتفاف على النجاحات التى حققتها القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة الإرهاب الذى تراجع بشكل ملحوظ، وليس أدل على ذلك من عودة الحياة الطبيعية، وإلغاء الحظر وحالة الطوارئ، وتقدم البورصة وعودتها إلى مؤشرات ما قبل 25 يناير، وتوقف التدهور الاقتصادى وفق تقارير المؤسسات الاقتصادية الدولية، وإلغاء قرض البنك الدولى، وتقديم مرسى للمحاكمة، وتراجع الولايات المتحدة والغرب عن وصف ما حدث بالانقلاب، والسير نحو الانتهاء من أهم مسارات خارطة الطريق وهو الدستور، إلا أن فصائل الإسلام السياسى استيقظت متأخرة، بعد أن راهنت على الإخوان من رابعة وحتى المنيا مرورا بسيناء، إلا أنها خسرت الرهان فعادت تستقوى ببعض الأطراف فى الدولة لمحاصرة المد الثورى والمدنى، فهل تنجح؟