مرة أخرى وليست أخيرة ينفجر صراع الكوتة بمناسبة الدستور، هناك حديث عن تحديد نسبة للأقباط فى الدستور، وغضب بسبب إلغاء نسبة العمال الفلاحين، وقبلها غضب بسبب إلغاء نسبة المرأة، وفى جدل المؤسسات امتد الصراع إلى الهيئات القضائية مثل مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة، وهو ما يشبه الكوتة، لأن كل جهة تبدو وكأنها تطالب بسلطات وصلاحيات أكثر فى الدستور، وكأننا بصدد غنيمة توزع على الفئات المختلفة وليس أمام وطن يفترض أن تقوم سلطاته على التوازن والشراكة.
كان حديث الكوتة موجودا أيام مبارك والحزب الوطنى، وتم التمسك بنسبة العمال والفلاحين شكلا وفى المضمون تم انتزاع قيمتها وتحويل النسبة لخدمة الحزب وقياداته، وأصبح الوزراء يترشحون على مقاعد العمال، واللواءات على مقاعد الفلاحين، وتحولت كوتة المرأة إلى نسبة لنساء الحزب الحاكم، وبالتالى لم تعد الكوتة مفيدة، بل كانت استمرارا لعقود من سرقة الإرادة والتلاعب فى مصالح الشعب. وعندما طرح هذا النقاش فى عام 2009، طرحنا سؤالا منطقيا، إذا كان هناك من يتحدث عن تخصيص كوتة للمرأة أو الأقباط، فهل المصريون ممثلون فى المجالس النيابية، وهل هذا التمثيل يعبر عن الشعب المصرى بطوائفه، وعناصره وأغنيائه وفقرائه وطبقته الوسطى. والحقيقة أن الشعب نفسه لم يكن ممثلا، وكان هو الذى يستحق الكوتة، فلم يكن هؤلاء الذين يصلون لمجالس الشعب والشورى والمحليات، يمثلون الشعب بل يمثلون عليه، بينما هم فى الواقع ممثلين لمصالح تتعارض فى الغالب مع مصالح الشعب، ولو كان المصريون ممثَلين، ما احتاج أحد لكوتة أو نسبة فى المقاعد.
وكانت أشهر كوتة هى نسبة الخمسين فى المائة عمال وفلاحين، التى تحولت إلى كوبرى ليستكمل الحزب الوطنى مقاعده وسيطرته، ولم يكن سكان العشوائيات ممثلين فى مجلس الشعب، ولا المرضى بالكبد الوبائى والسرطان ولا العاطلين وبالتالى يحق لكل من هؤلاء أن يطالب بكوتة تعبر عنه وتدافع عن مصالحه.
والحل أن يكون البرلمان معبرا عن المصريين بفئاتهم ومصالحهم، عندها لن تكون هناك حاجة لكوتة أو خوف من التهميش، لقد كانت الانتخابات عبارة عن سرقة مقننة للإرادة بالمال أو التزييف أو التلاعب، والهدف هو ضمان السيطرة والأغلبية وليس تمثيل الشعب.
إن هذه القواعد قائمة ومستمرة، بعد ثورة يناير، وما تزال، حيث يمكن لمن يملك المال أن يشترى المقاعد، ويسيطر على السلطة، بأغلبية عددية تنفذ ما تريده الحكومة ويطلبه الحزب الحاكم، وليس ما يطلبه الناخبون، والبرلمانات تفتقد إلى الاستقلال، وأعضاؤها يعبرون عن وجهة نظر الحزب والحكومة والنظام، وتسقط الحواجز بين السلطات، لا فرق بين السلطة التنفيذية من التشريعية.
هذه هى القضية الرئيسية التى يجب التفكير فيها، حتى لا يتحول الدستور إلى ورقة تعبر عن مصالح ضيقة لفئات أو تيارات، أو تبقى إرادة الناس مسروقة، لم يكن المواطنون ممثلين فى المجالس النيابية، لا العمال ولا الفلاحين ولا المسلمين ولا المسيحيين، ولا النوبة وسيناء. ناهيك عن الفقراء والمرضى، ولهذا يطالب كل فصيل بكوتة، بينما الشعب نفسه أكثر من يحتاج إلى كوتة، لأنه «طفح الكوتة».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الشعب طافح الكوته وقهره دايما فى النوته - الشعب فى الدستور كلمه للتزويق والديكور لا اكثر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
شكرى حسن
عنوان المقال أكثر من رائع