فى الموقع الإلكترونى لجريدة «هآرتس» الإسرائيلية يوم الاثنين الماضى كتبت الصحيفة مؤكدة أن الرئيس الفرنسى «فرانسوا هولاند» اقترح على رئيس السلطة الفلسطينية فى رام الله «محمود عباس/ أبومازن» إبداء مرونة فى موضوع حق العودة للاجئين الفلسطينيين مقابل المطلب الفلسطينى بوقف الاستيطان «كفكرة يمكن للجانبين طرحها لغرض دفع المسيرة السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، وأشارت «هآرتس» إلى أن الرئيس الفرنسى شرح لرئيس السلطة الفلسطينية أن موضوع «حق العودة» قد أثير خلال محادثاته مع نتنياهو باعتباره «الموضوع الذى من شأنه أن يصعِّب على الطرفين التوصل لاتفاق»، ولكن الرئيس الفرنسى ما أن ترك رام الله، وذهب إلى مبنى الكنيست المنتصب فى «غفعات رام/تلة الشيخ بدر» بالقدس ليخطب أمام أعضائه الإسرائيليين، يهود وعرب، متعهدا بأن «فرنسا لن تسمح لإيران بامتلاك ترسانة أسلحة نووية»، ثم جاء كل خطابه بعد ذلك «مليئا بالمديح والثناء على حكومة نتنياهو وسعيها لإحياء المفاوضات»، وتبادل نتنياهو وهولاند خلال خطاب كل منهما المديح والثناء على ما وصفاه بالعلاقات التاريخية بين إسرائيل وفرنسا، والصداقة المتينة بين إسرائيل وفرنسا منذ وقوف فرنسا إلى جانب إسرائيل فى حرب النكبة، وكرر هولاند تأييد فرنسا لحل الدولتين، على أن تكون القدس عاصمة للبلدين، وقد قاطع نواب كتلة التجمع الوطنى الديمقراطى، «جمال زحالقة» و«حنين زعبى» و«باسل غطاس» الاحتفاء بالرئيس الفرنسى فى الكنيست فى ظل حملة القوانين العنصرية، لكن نواب كتلتى الجبهة الديمقراطية والعربية الموحدة قد شاركوا فى هذه الجلسة الاحتفالية، وعلى الرغم من الخطابات الغزلية لكل من «هولاند» و«نتنياهو» و«يولى إدلشتاين» رئيس الكنيست، على ما تضمنته من تحريض وتزوير ونفاق بلغ أوجهه فى وصف إسرائيل بأنها واحة الديمقراطية والمساواة فى الشرق الأوسط، وبالطبع فإنه لم يخطر على بال الرئيس الفرنسى حتى مجرد الإشارة بأن على إسرائيل وقف المشروع الاستيطانى بشكل فورى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، وأن على إسرائيل أن تقوم بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بجدار الفصل العنصرى، وحتى تعلن رسميا عن قبولها لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالصراع، وتتوقف عن تخريب إمكانية التوصل إلى حل عادل، فلا مكان لزيارة احتفالية للرئيس الفرنسى فى الكنيست التى تقوم بتشريع عنصرى ضد المواطنين العرب وتمنح غطاء كاملا لسياسات التمييز، الإقصاء ومصادرة الأراضى، فالعالم كان يتوقع من فرنسا أن تدافع حقوق الإنسان والمواطن، وأن تعمل على منع قانون «برافر»، الذى يستهدف مصادرة مئات آلاف الدونمات وطرد عشرات الآلاف السكان من قراهم فى النقب، وأكدت «كتلة التجمع الوطنى» فى بيانها الذى أصدرته قائلة: «نحن نحتاج لممارسات تكبح تطرف حكومة نتنياهو، لكننا نرى فى هذه الجلسة دعما لها، ونحن لا نريد أن نكون شركاء فى هذا الدعم»، من جانبه دعا «نتنياهو» الرئيس الفلسطينى إلى زيارة الكنيست الإسرائيلى «للاعتراف بالرابط بين الشعب اليهودى وأرض إسرائيل». وأضاف مخاطبا رئيس السلطة الفلسطينية: «تعال إلى الكنيست الإسرائيلى وسآتى أنا إلى رام الله.. اصعد على هذه المنصة واعترف بالحقيقة التاريخية..لدى اليهود رابط عمره نحو أربعة آلاف عام مع أرض إسرائيل»، وفى رده على دعوة نتنياهو لعباس، وسوف يظل موقف نتنياهو هو مواصلة بناء المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية والاقتحامات والاعتقالات وحصار غزة والموقف من إقامة الدولة الفلسطينية وقضية اللاجئين، وهى فى مجملها سياسات ومواقف تقوض عملية السلام. أما مطالبة نتنياهو للفلسطينيين بالاعتراف بيهودية إسرائيل فلا تهدف فقط إلى إجبار الفلسطينيين على التخلى عن حق العودة، بل تهدف أيضا إلى تغيير كامل للتاريخ والإيهام بأن اليهود كانوا فى أرض فلسطين قبل الكنعانيين أو الفلسطينيين أنفسهم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة