لأول مرة فى تاريخ مصر نرى هذا المشهد المؤسف الذى يدمى القلب وتدمع له العيون (علم مصر ورمزها تشتعل به النيران).. من يسمون أنفسهم بالثوار الذين رأيناهم فى ذكرى محمد محمود.. من انطلقوا يخربون ويدمرون ما استطاعوا بلا هدف ولا سبب واضح تحت مسمى الولاء لذكرى شهداء الثورة، ثم اختتم هؤلاء الذين أجهل هوياتهم الحقيقية بحرق رمز الدولة عمداً.
بكل أسف.. نحن نعيش الآن زمن الهرتلة والتخبط وانعدام المصداقية وتجمد المبادئ، عجبت لأمر كثيرين وتعجبت أكثر من تحولهم! ما الذى تسعون خلفه؟ ماذا يريد من ينصبون أنفسهم مسؤلو الثورة فى مصر؟ ومن سمح لهم بهذا التنصيب؟
المشهد العام غاية فى التخبط والعشوائية، وأرى بين السطور رغبة خفية لدى البعض فى استمرار الفوضى والهرجلة والبحث الدائم عن أى فرصة لتحقيق ذلك.
بهذا القدر الذى يبدو واضحاً وضوح الشمس من السذاجة وضيق الأفق ورؤية الأشياء من زاوية شديدة الضيق سينجح الإخوان للمرة الثالثة وليست الأخيرة فى استقطاب هؤلاء الذين يبحثون عن التواجد والظهور فحسب تحت مسمى (الثوار)، وبناءً عليه سيتعمق الانقسام.. ونعود مرة أخرى للنقطة صفر.
كل هذا الهراء الذى يستغله أصحاب المصالح وخلافه يتحمل تبعاته مثلما تحملها دائماً المواطن الفقير البسيط الذى يبحث عن الحد الأدنى لحياة آدمية فقط، هذا هو المجنى عليه دائماً وأبداً.. أما الجانى فلا يشغل باله بمثل هذه الكلمات التى لن تضيف إلى رصيده شىء.
حذارٍ من أصحاب الإشارة الجديدة التى ابتُدِعت على غرار إشارة رابعة (الأصابع الثلاثة) المعنى بها لا (للفلول، العسكر، الإخوان)، مدخل جديد غاية فى الخطورة، محاولات العودة من الأبواب الخلفية بشعارات جديدة لإصابة الهدف من خلال فئة جديدة من الشباب الساذج الذى يمكن تغيير قناعاته بسهولة من خلال تأجيج مشاعر الكراهية والرغبة فى الانتقام من الداخلية والجيش وغيرها من وسائل الاستفزاز التى ينجر وراؤها هؤلاء بسهولة.
فبدلاً من العمل على تربيط مفاصل الدولة المفككة ومحاولة إقامتها واسترداد عافيتها المنهكة مرة أخرى، فكل ما يحدث الآن يصب فى مصلحة أعداء مصر والمتربصون بها، كما يقدم أيضاً خدمات جليلة للغرب برعاية أمريكا التى لن تيأس من محاولات إتمام الصفقة وتنفيذ المشروع، خاصة فى مصر قلب المنطقة المستهدفة، إلى جميع النخب والنشطاء ومن نصبوا أنفسهم زعماء الثورة، الذين بات مشكوكاً فى أمر غالبيتهم..
اتقوا الله وراجعوا ضمائركم وحاسبوا أنفسكم قبل فوات الأوان.. المتربصون بهذا المشهد العبثى كُثر، والمستفيدون أكثر.