هذا الرجل يكره الشعب التركى ولا يسعى إلا لتحقيق مجده الشخصى الزائف والبحث عن زعامة وهمية لا تسكن إلا خياله الأعوج.
سقطت النظريات والأوهام على حائط الصد المصرى، وذاب حلم إنتاج امبراطورية «العثمانية الجديدة» فى اللحظة الأولى من ثورة الشعب المصرى على الإخوان فى 30 يونيو.
انهار طموح أردوغان رئيس وزراء تركيا وفشلت نظرية وزير خارجيته أحمد داود أوغلو - مهندس المشروع العثمانى الجديد - فى التغلغل والنفوذ والسيطرة على منطقة الشرق الأوسط بدعم من واشنطن وحلف شمال الأطلسى لملء الفراغ الاستراتيجى بعد تراجع الدور المصرى وانزوائه طوال أربعين عاماً.
سقوط الإخوان - الكنز الاستراتيجى له ولإسرائيل - فى مصر وبداية هزيمتهم فى سوريا جعله يفقد أعصابه ويخلع عباءة هدوئه المصطنع، فقد كاد الحلم الكبير أن يتحقق وكادت سياسة أوغلو الخارجية أن تتحول إلى واقع على الأرض بداية من مصر ثم سوريا والعراق. لكن أردوغان ومن قبله أوغلو تناسياً أن التاريخ القديم والحديث يذكر دائماً أن امبراطوريات كبرى سقطت على أبواب مصر منذ المغول وحتى الامبراطورية البريطانية التى لم تكن تغرب عنها الشمس وصولا إلى تحطيم أسطورة «الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر». هذه المرة سقط الحلم التركى - الإخوانى سريعاً وبإرادة شعبية كاسحة. الهياج الأردوغانى ضد مصر سببه معروف، فرئيس الوزراء التركى يعيش الآن مأزقا سياسيا كبيرا بين الداخل التركى والخارج العربى والعالمى. فجزء كبير من الشعب التركى غير راض عن سياسة أردوغان الخارجية التى كلفت الخزانة التركية أكثر من 5،3 مليار دولار كمساعدات موجهة لدعم حركات الإسلام السياسى فى المنطقة وخاصة الإخوان فى مصر والحركات الإرهابية فى سوريا، وتوتر علاقاته مع العراق. ولابد من يوم الحساب على إهدار المال العام بعد انهيار الحلم العثمانى الامبراطورى بأيادى المصريين.
صفعة طرد السفير التركى من مصر وغضبة القاهرة من التصريحات غير المسؤولة والتدخل فى الشأن المصرى، قد تعيد أردوغان إلى صوابه ويبدأ فى رحلة التخلى عن الإخوان، وقد تدفع من حوله إلى نصيحته بعدم الجنوح والجموح فى خسارة مصر، لأن ذلك معناه عودة تركيا إلى داخل حدودها إلى الأبد، ومعاداة مصر ستفتح أبواب «جهنم على تركيا»، فمصر ليست وحدها، والخسائر التركية – إذا استمرت حالة العداء مع مصر- لا تحصى.