رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان عاد من روسيا «بخفى حنين» الذى فقد حذاءه بسبب طمعه وجشعه وتصوره بأنه قادر على ممارسة فعل الذكاء مع الآخرين.
أردوغان ذهب إلى موسكو فى توقيت غير مناسب بالمرة مثلما فعل تابعه المعزول محمد مرسى عندما ظن أن زيارته إلى روسيا ولقاءه مع الرئيس الروسى بوتين بداية صفحة جديدة فى العلاقات مع الإخوان وأن تنسى موسكو الملف الإرهابى للجماعة وتورطها وتمويلها للأعمال الارهابية فى الشيشان وضد الدولة الروسية، ثم عاد خائبا مهينا صاحبته فضائح رحلته الفاشلة إلى قرية «سوتشى» الروسية وليس إلى العاصمة موسكو مثلما كانت مراسم استقبال زعماء ورؤساء مصر السابقين.
وكما يقال فى المأثور القديم فإن «الأثر يتبع المسير والبعرة تتبع البعير» -مع الاعتذار للبعير- فقد حاول السيد رئيس وزراء تركيا ممارسة فعل الذكاء مع الرئيس بوتين -الرئيس السابق للكى بى جى أقوى جهاز مخابرات فى العالم- من أجل تغيير موقفه من روسيا وتقليل حجم الاندفاع نحو مصر، وفشلت المحاولة رغم العلاقات الاقتصادية القوية بين موسكو وأنقرة، فالحكومة التركية قد وقّعت فى شهر إبريل الماضى على اتفاقية مع موسكو لبناء مفاعلات نووية فى تركيا بقيمة 20 مليار دولار، فيما تستورد تركيا ما قيمته 22 مليار دولار من الغاز الطبيعى من روسيا، أى %45 من كمية الغاز التركى المستهلك، وهى 40 مليار متر مكعب سنوياً، ومع ذلك حاولت تركيا بزيارة أردوغان «طرق أبواب موسكو»، وتحريك موقفها المؤيد والمساند لدمشق والقاهرة. قبلها استبق أردوغان كعادته اليومية منذ 30 يونيو على التطاول على مصر. فقبل لحظات من صعوده الطائرة الرئاسية المتوجهة إلى موسكو لم ينس أردوغان الجرح الغائر فى مشروعه «العثمانى» والطعنة القاتلة له منذ ثورة المصريين على أصدقائه وأتباعه «الإخوان»، فقد انتابته حالة الغضب الملازمة له وألقى بفتيل جديد قصم ظهر العلاقة الهشة بين مصر وتركيا. قال أردوغان: «أؤدى التحية للرئيس المعزول مرسى على ظهوره المحترم حين رفض ارتداء بزة السجن فى المحكمة وليس عندى ذرة احترام لمن اختطف رئيسا شرعيا ويدير ضده محاكمة ملفقة». هذه الكلمات الخائبة التى ردت عليها مصر بصفعة مدوية بطرد السفير التركى، والتى استقبلتها موسكو «بتقزز واشمئزاز» لأنها تتعارض والأعراف الدبلوماسية.
أردوغان مازال يهذى بالعبارات والإشارات المستفزة التى تعكس حجم ارتباكه وحيرته وصدمته من مصر.