بدأت، أمس، فى تناول كتاب «الإخوان المسلمون ومحنة الوطن والدين» للباحث أحمد بان، وأستكمل..
يستعرض الكتاب واقع وحال الجماعة تحت قيادة مرشديها بدءًا من مؤسسها حسن البنا، وطرحت، أمس، أسئلة عن أسباب جمودها الفكرى والثورة عليها من كوادرها الذين يتركون لأنفسهم حرية التفكير بكل براح، وفى الكتاب جانب من الإجابة عن ذلك تعرفه فى تناول «المؤلف» لـ«انتخابات الإخوان الداخلية».
ويشرحها فى أن مربط الفرس وبوابة المرور لصف القيادات والمسؤولية، أو الاستقرار فى المراتب الدنيا، يأتى من «لجنة التربية»، وهى أهم لجان الجماعة التى تعد مناهج تربية الأعضاء، وتشكل معتقداتهم الفكرية والروحية والتى تحدد أيضا الشروط الواجب توافرها فيهم والأهداف التى يجب أن يحققوها، وتتمثل نظريا فى جوانب التربية معرفة ومهارة وسلوكا، وعمليا فى مواصفات شروط العضوية والتهيؤ لأسرار التنظيم، ويمكن التعبير عنها بأنها جملة شروط تتعلق بمهارات الكتمان، وقلة الكلام والفضول، والطاعة، وضعف الذاتية، واحترام التعليمات، والتقيد الحرفى بها، والميل للتنسك، والمحافظة على الشعائر، والثقة التامة بالقيادة التى يتعبد بطاعتها والدعاء لها، حيث إنها بحسب تعبير بعض القيادات «تنصر حتى بأخطائها».
يقوم على «لجنة التربية» أعضاء يتم اختيارهم بعناية من أعضاء التنظيم الخاص فى الجماعة وأعضاء «تنظيم 65» ومن يحظى بثقتهم من الأجيال اللاحقة، ولا يتسرب إلى اللجنة شخص لديه ميل إلى حرية التفكير أو الخيال، وهم جميعًا يمارسون لونًا من الانفصال الشعورى والوجدانى عن المجتمع الذى يظنون أن إسلامه لم يكتمل لا فى التصور ولا فى السلوك.
وإذا كان ما سبق هو «المصفى الأول»، يتحدث المؤلف عن «المصفى الثانى» الذى يضمن ألا يتسلل أى إصلاحى لمواقع القرار فى أى دائرة من دوائره، ويتمثل فى حملات التشويه والاغتيال المعنوى المنظم من مجموعة ضيقة داخل التنظيم ممن يعتبرون أنفسهم «حراس المعبد»، وتشرع هذه الأسلحة فى مواجهة أى إصلاحى فلت من المصفى الأول بإخفاء ميوله الإصلاحية أو ملكاته فى التفكير والنقاش والمحاججة.
فى مواجهة هؤلاء يتم إطلاق حزمة من الاتهامات فى هدوء تستهدف التشكيك فى النيات والأهداف وصدق الانتماء للتنظيم، وتسمع هذه الاتهامات فى عبارات مثل: «أخونا الفاضل يسمع لخصوم الدعوة من العلمانيين والليبراليين واليساريين، ويطيل الجلوس معهم» و«أخونا لديه تميّع فى الأفكار والمعتقدات»، حتى وصل الأمر إلى الاتهام فى العقائد مثل: «أخونا ليس لديه الجدل الكافى لتبعات الدعوة»، و«أخونا لم يسجن سوى لفترة قصيرة أو لم يسجن أصلاً» و«أخونا لا نعتقد أنه سيكمل معنا الطريق».
يقول المؤلف: كل هذه المقولات تتكرر على أسماع الإخوان، وترددها قيادات إخوانية لها حظ من النضال وطول المكوث فى المعتقلات، مما يضفى على كلامها مسحة من التجرد والحدب على الدعوة، تحقق لها القبول والتسليم لدى القواعد الإخوانية التى تختزن هذا الكلام حتى يظهر أثره فى صندوق الانتخابات.
هناك أسئلة مهمة يطرحها الكتاب ويجيب عنها مثل: ماذا فعلت الجماعة وماذا فعل جمال عبدالناصر؟ وماذا فعلت السياسة بالدين؟