للمرة الثانية وخلال عامين منذ ثورة 25 يناير يقوم الشعب المصرى بمحاكمة ثانى رئيس له ورجاله، حيث تمت إحالة المعزول مرسى وقيادات حزبه وأعضاء مكتبه إلى محكمة الجنايات بتهمة التحريض على القتل والتعذيب للمصريين أمام قصر الاتحادية وهى تهم تتشابه مع التهم التى سبق وتم توجيهها إلى النظام السابق الفارق فى عدد الضحايا فقط، فبينما يحاكم مبارك على قتل حوالى 200 يحاكم مرسى على قتل وإصابة وتعذيب حوالى 60 مواطنا مصريا.
رغم أن أدلة الثبوت فى القضية الثانية أدق وأكثر قطعية لأسباب تتعلق بقيام أجهزة التحقيق بالتحقق وجمع الأدلة وسماع شهادات وهى قادرة على التوثيق والعمل على خلاف الحالة الأولى للرئيس الأسبق مبارك حيث جرت التحقيقات فى ظل عدم استقرار الأمن بل وغيابه بشكل كامل وضعف إمكانيات النيابة العامة التى تعرضت مقراتها للحرق والتدمير، فإن السؤال هل هذه المحاكمة باطلة كما قال المعزول، هل يقبل دفع الرئيس بعدم اختصاص المحكمة وبطلان قرار الإحالة لصدوره من جهة غير مختصة هى النيابة العامة ذلك استنادا إلى نصوص دستور 2012 المعطل. فى الحقيقة نحن أمام محكمة طبيعية وليست استثنائية أى منشأة بقانون وبالقضاة الطبيعيين، كما أنها مختصة وبنص قانون الإجراءات بالجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات، كما أن الدكتور مرسى لم يعد رئيساً بل فقد صفته كرئيس للجمهورية بموجب ثورة شعبية خرجت للشوارع لعزله واتخذت القرار بذلك وأطاحت به هو وحكومته ودستوره ومجلس الشورى تماما كما حدث فى 25 يناير، هنا لا يجوز التمسك بنصوص دستور 2012 لأنه وعلى افتراض استمرار العمل به فالمواد الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية لا تنطبق على مواطن عادى لم يعد رئيساً للبلاد.
إذا سقطت هذه الدفوع فأعتقد أن السيناريوهات التى يتم التحضير لها هو تعطيل المحاكمة أحيانا برد القضاة وأحيانا أخرى بمقاطعتها. هذه استراتيجية فى الحقيقة خاطئة وغير فعالة وذلك لعدة أسباب أولها المحاكمة على جرائم جنائية لا يمكن وصفها بالمسيسة فعندما يتم تعذيب المصريين والاعتداء عليهم وتقييد بعضهم ببوابة القصر الجمهورى وبحضور أعضاء المكتب الرئاسى ويثبت أنه كان هناك طلب للداخلية للقيام بهذه الجرائم وترفض ويتم استخدام مليشيات خاصة تابعة للجماعة للقيام بهذه الأفعال الفظيعة واستخدام أبشع أساليب التعذيب فهذه الأفعال تستحق المحاسبة ولا يجوز أن يفلت مجرم بجريمته. لكن من المهم أيضا أن تمتد يد الحساب لكل الفظاعات التى ارتكبت ضد المصريين.
ثانيا: إننا ونحن نتحدث عن العدالة الانتقالية الحجر الأول فى بنائها هو الحساب وعدم الإفلات من العقاب، ولا يجب أن نصمت على الانتهاكات التى ارتكبت سواء كان النظام الأسبق أو السابق.
لقد وصفت محاكمة مبارك ونظامه بأنها محاكمة القرن على جرائم قتل المصريين ومن يتحدث عن فارق أعداد الضحايا بأن محاكمة مبارك كانت عن 200 شهيد بينما مرسى يحاكم على 60 تقريبا نقول فإن ما جرى أمام قصر الاتحادية هو جريمة التعذيب للمصريين وهى من الجرائم ضد الإنسانية التى نصت عليها اتفاقية روما بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية لذلك الأمر يتطلب أن يتم التعامل معها بجدية وتحضير هيئة دفاع للتبرؤ من هذه الجرائم التى من وجهة نظرى هى جرائم تحط من كرامة من ارتكبها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة