لكلمة «الحوارات» فى الثقافة الشعبية معنى يختلف جذريًا عن المفهوم المتعارف عليه فى أوساط النخبة، فحينما تصف شخصًا بأنه «بتاع حوارات»، فهذا يعنى أنه يتقن معسول الكلام، ويبدأ من نقطة ليقود الأمور لدائرة أخرى بعيداً عن صلب الموضوع، ويستدرجك لمتاهات تهدر الوقت والجهد باللغو الفارغ، وتدفع لمعارك جانبية، وغيرها من الصفات السلبية.
هذه المقدمة تقودنا لمسؤول دخل دائرة السلطة من بوابة جمال مبارك، الذى يتردد أنه كان يناديه «زيزو»، لكنه «بقدرة قادر» يشغل بعهد الثورة منصب نائب رئيس الوزراء وأقصد زياد بهاء الدين.
ومنذ توليه منصبه لا يتوقف زياد عن طرح مبادرات جوهرها ضرورة مصالحة الإخوان، متجاهلاً الإرادة الشعبية بزعم أن «العملية السياسية الشاملة، وليس الحملات الأمنية، هى التى يمكن أن تحقق استقرار البلاد».
ورغم الرفض الشعبى القاطع للمصالحة مع «عصابة الإخوان الإجرامية» التى قتلت وخربت وأحرقت وتسعى بإصرار لإشاعة الفوضى وتصعيد المواجهات الدموية يوميًا بشتى أنحاء مصر، ومع ذلك يُصر زياد على ضرورة المصالحة معهم، مع علمه برفض الشارع لحوار الإخوان شكلاً وموضوعًا، لكن زياد تحدث عن اتصال بقوى سياسية وتشكيل «لجنة حماية المسار الديمقراطى» مهمتها المُعلنة الاتصال بممثلى التيارات السياسية، والتقى بالفعل عبدالمنعم أبوالفتوح، والأخطر أن هناك معلومات أمنية عن رصد اتصالات مسؤولين مع الإخوان، وتوافر أدلة تدينهم، موضحة أن هؤلاء تتفاوت مستوياتهم من موظفين بسطاء لمديرين ومحافظين وصولاً لبعض أعضاء الحكومة الحالية، وبمنطق المثل الشعبى «رضينا بالهم والهم مرضيش بينا» فإن الإخوان رفضوا المصالحة السياسية متمسكين بمطالبهم المعروفة وهى عودة المعزول وإنهاء ما يصفونه بالانقلاب على الشرعية، ويمكن رصد «دائرة مغلقة» تضم مقربين للإخوان كالعوا وأبوالفتوح الذى أجرى لقاء مع زياد، وكلها تصب فى اتجاه محاولات استرضاء الإخوان، بدلاً من مواجهتهم لحسم المعركة الميدانية التى لم تزل محتدمة.
وبالطبع فإن مجرد التفكير بصفقات لخروج آمن لقادة الإخوان، ستكون نتائجها كارثية، فضلاً عن كونها إهانة لثورة 30 يونيو وللجيش والشرطة، فقد عجزت الحكومة عن إصدار قرار يحظر التظاهر والاعتصامات استنادًا لحالة الطوارئ ولم يزل الإخوان يضربون بالقوانين عرض الحائط ويتعمدون إهانة الدولة، وتواجههم قوات الجيش والشرطة، لكن دون ظهير سياسى يحميهم.